الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرجوع على صاحب المال بما دفع لتخليصه له

السؤال

أراد شخصان السفر إلى السعودية عن طريق التهريب ـ غيرالشرعي ـ وبينما هما في الطريق إليها ألقي القبض عليهما في منطقة أمنية لا يجوز الدخول إليها ، فأخذ المحتجزون ممتلكات أحد هذين الشخصين، وهي عبارة عن تلفون بنظام الثريا تبلغ قيمتهه 1000 دولار أمريكي ، وقد طلبت مني أم هذا الشخص أن أتوسط عند هؤلاء المحتجزين لابنها والإفراج عنه، فتم ذلك، وقيل له: انتظر لأخذ ممتلكاتك فرفض الانتظار وذهب بدون ممتلكاته، علما أن أم هذا الشخص المفرج عنه وعدتني أنها سوف تعطيني مبلغ 5000 دولار أمريكي إذا تم الإفرج عن ابنها، ثم أخلفت الوعد لاحقا، ثم إني قمت بالإفراج عن ممتلكاته وإعطاء الأشخاص الذين كان عندهم مبلغ 4000 دولار تقريبا لأخذ ممتلكاته التي بحوزتهم، ومن ضمنها التلفون ـ غالي الثمن ـ ثم ذهبت إلى أم هذا الشخص، وقلت لها أن تعطيني المبلغ الذي أعطيته للمحتجزين وأخذ ممتلكات ابنها مني، فقالت لي : إنها لا تريد شيئا وأنكرت أن هذه الممتلكات لابنها وقالت ـ الله يبريكم ويسامحكم ـ بالاستهزاء، ولم أعلم هل هو من طيب نفسها أم لا؟ وذهبت عنها، وكان ابنها موجودا عندما قالت لي هذا الكلام ، فما حكم هذا التلفون الذي بحوزتي، هل يعتبر حراما أم حلالا إن أخذته لي ؟ أفتوني. ماذا أعمل ؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كنت لم تبذل مالا لفك أسر الشخصين المذكورين، وكانا محبوسين ظلما، فلا يجوز لك أن تأخذ مالا مقابل قيامك بالسعي في فك أسرهما، لأن السعي في دفع الظلم واجب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وأما الهدية في الشفاعة مثل أن يشفع لرجل عند ولي أمر ليرفع عنه مظلمة أو يوصل إليه حقه ونحو هذه الشفاعة التي فيها إعانة على فعل واجب أو ترك محرم فهذه أيضا لا يجوز فيها قبول الهدية، ويجوز للمهدي أن يبذل في ذلك ما يتوصل به إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه، هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الأكابر ، وقد رخص بعض المتأخرين من الفقهاء في ذلك وجعل هذا من باب الجعالة ، وهذا مخالف للسنة وأقوال الصحابة والأئمة فهو غلط ؛ لأن مثل هذا العمل هو من المصالح العامة التي يكون القيام بها فرضا إما على الأعيان وإما على الكفاية . اهـ .

وأما ما دفعته من مال في سبيل تخليص ممتلكاته ،قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: ومن لم يخلص مال غيره من التلف إلا بما أدى عنه رجع في أظهر قولي العلماء. اهـ .

فلك أن تطالب بما دفعته من مال في سبيل تخليص ممتلكات الشخص المذكور، وإذا لم يرض هذا الشخص بأن يرد لك ما دفعته جاز لك أن تأخذ مقدار حقك من ممتلكاته وترد عليه باقي ممتلكاته، و هذا من باب الظفر بالحق ، وقد سبق بيان مسألة الظفر بالحق، وأن في جوازها خلافا بين العلماء في الفتاوى الآتية أرقامها: 8780 ، 6022 ، 28871.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني