الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاة السنوات الماضية دين لا تبرأ الذمة إلا بإخراجها

السؤال

بعد التحية: أرجو من حضرتكم النظر في هذه الفتوى.
توفي والدي وترك لنا رصيدا في البنك وكنا صغارا، وبعد 8 سنوات من وفاته أخبرنا عمي بأمر هذا الرصيد فتصرفنا فيه ببناء مسكن، وبعد مرور 27 سنة من وفاته نبهنا أحد الأصدقاء إلى أمر زكاة هذا الرصيد، وقد تراكمت وأصبح المبلغ كبيرا بعض الشيء، ولا أخفيكم بأن المبلغ متوفر لدينا بالكامل، ولكن لمتطلبات الحياة وغلاء المعيشة محتاجون إلى هذا المبلغ كدفعة واحدة، وبصراحة أكثر ليست الحاجة بمعني العوز والفاقة بمعناها الصريح، ولكن كما أسلفت محتاجون إليها، فهل نخرج الزكاة عن سنة واحدة فقط لجهلنا بأمرها؟ أم نخرجها على دفعات لمدة 8 سنوات قادمة؟ أم نخرجها كاملة دفعة واحدة؟ وفى النهاية لا أقصد بهذا التحديد تقيد إجابتكم بما ورد، ولكن أرفع لكم الأمر للتفضل علينا برأي الشرع في ذلك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كان الواجب عليكم أن تجتهدوا في تعلم أحكام الشرع، وتبحثوا عمّا يجب عليكم من حقوق الله تعالى، ثم ليعلم أن الزكاة متى وجبت عليكم فهي دين في ذمتكم فلا تبرؤون إلا بدفعها، ولا يجزئكم أن تخرجوها لسنة واحدة، كما لا يجوز لكم أن تؤخروا إخراجها مع القدرة عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.

فالواجب على كل منكم أن يحسب حصته من هذا المال، فإذا بلغت نصابا بنفسها أو بضمها إلى ما عنده من نقود أخرى أو عروض تجارة، فالواجب عليه إخراج زكاة جميع تلك السنوات التي دارت على المال وهو نصاب ولم يخرج زكاتها قبل التصرف في هذا المال، ولا تحصل براءة الذمة إلا بذلك، ولمعرفة خلاف العلماء في كيفية حساب زكاة السنوات الماضية راجع الفتويين رقم: 121528، 44009.

ومن كان عاجزا عن إخراج الزكاة لكونه لا يملك ما يخرجها به أو يحتاج إلى ما بيده من المال في ضرورات الحياة من مأكل أو مشرب أو مسكن أو ملبس أو دواء، فلا إثم عليه في تأخير إخراجها، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}. وتجب عليه المبادرة بإخراجها متى قدر على ذلك لما تقدم.

ثم إننا ننبهك إلى أن هذا المال إن كان موضوعا في بنك ربوي، فما نتج عنه من الفوائد في تلك المدة دين أيضا في ذمتكم يجب عليكم التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين أو بدفعه إلى الفقراء والمساكين، فإن كنتم من المستحقين لهذا المال لكونكم فقراء ومساكين جاز لكم أن تتصدقوا به على أنفسكم. قال النووي نقلا عن الغزالي رحمهما الله: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم بل هم أول من يتصدق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني