الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بعد التحية ومزيد من الاحترام لكم
أدخل في صلب الموضوع وأرجو أن تكونوا آذانا صاغية لتسمعوا فحوى مشكلتي وقضيتي، وعسى أن أجد فيها حلا لديكم أو ترشدوني إلى من هو مختص مع كل تقديري: إني رجل من الريف العراقي، وسمعتم بما آل إليه الاحتلال في العراق وما هي مخلفاته، أنا صاحب مكتب للحاسبات، ففي سنة 2007 وأنا أعمل في مكتبي مرت علي امرأة من العاصمة العراقية وأنا في مكتبي لأجل أن أعمل لها استنساخ أو ما شابه ذلك، فوجدت في عينها حزن وشدتني ربما شفقة وربما حب والله أعلم، فعرضت عليها العمل معي بعد أن قالت لي بأن والدها وأخاها قتلا أثناء الحرب التي اجتاحت البلد في حينها، ولم تعطني رأيها في حينها ولكن أخذت رقم هاتفي، وبعد أيام قلائل تبادلنا الرسائل أنا وهي، وبعدها اتفقنا على موعد للقاء فالتقينا أنا وهي وأخذتها إلى بيتي وبقيت في بيتي لمده لا تقل عن شهر تقريبا، متبادلين نظرات الإعجاب والحب، وبعدها كنا نجلس أنا وهي لفترات طويلة ولكوننا مجتمع ريفي ومحافظ رفضت العائلة وجودها في البيت ولكن أنا تمسكت بها، ربما شفقه أو للحب فعرضت عليها الزواج علما أنني متزوج ولي خمسة أطفال، فاتفقنا أنا وهي وبموافقة الزوجة الأولى حيث ثارت غريزة والدي من الغضب وأختي الكبرى الموجودان معنا في البيت وطردوني من البيت، وأصبح الخيار لو تزوجت تلك المرأة فلن تبقى في البيت فقدمت خيار الزواج من هذه المرأة التي قالت لي إنها بكر وأهلها قتلوا وأصبحت مشردة ولا مجال لي غير هذا الخيار، حيث خرجت من دار والدي بالإكراه وحال خروجي من البيت ذهبت إلى المحكمة، حاولت أن أعقد عليها ولكن هي بغير اسمها الحقيقي ولم أستطع أن أعقد بالمحكمة وذهبت إلى الملا فعقد ت عليها بحضور شهود، وتمت مراسيم الزواج بشكل طبيعي وأنا في بيت طين وحضر الزواج الأقارب والأصدقاء، عند الدخول بها اكتشفت بأنها لست بكرا، وعندما سألتها قالت لي بأن الميليشات اختطفوني وعملوا ذلك، فزادت شفقتي وتمسكي رغم أنها لم تكن بكرا، وبعدها بشهرين أخذت تلك المرأة تكشف لي بعض الحقائق شيئا فشيئا بالتقرير، حيث اكتشفت أنها كانت متزوجة ولها أربعة أطفال وقتل زوجها إبان تلك الحرب التي عصفت بالعراق، وتثور ثائرتها لو نويت التقرب من زوجتي الأولى فتتولد بيننا مشكلة كبيرة تصل لحد ضربها، وبقينا على هذا الحال من المشاكل اليومية والاقتتال حيث قالوا لي إنها ممسوسه والعياذ بالله فذهبت بها إلى كل الرقاة، وبعدها أخذتها إلى دكتور نفساني حيث ثبت بأنها مصابة بمرض نفسي ولحد هذه اللحظة أخذها إليه، ولكن المصيبة أنها انفعاليه بشكل لا يطاق تتلفظ ألفاظ مشينه بحقي مما يجعلني أضربها وبقوة، ربما لمخلفات كذبها معي طوال السنتين أو ربما لعطفي عليها وغيرتي عليها، أو ربما أحاول العدالة مع زوجتي الثانية، أو ربما أصبت أنا بالهستريا أضربها وأتمنى أن أقتلها نهائيا عندما تهيج بي المواجع ولا تسمح هي بذلك مطلقا، ولا أنكر بأنني أحبها وأثناء مشاكلنا الت بي أن الفظ كلمة الطلاق بوجهها مرات ومرات لكي أردعه،ا أو أحاول أن أخفف من غضبها ولكن بلا جدوى، ننام ونصبح على مشكلة، نصبح ونمسي على مشكلة. وأخيرا حيث خرجت من البيت قبل فترة شهر تقريبا إلى حيث لا أعلم، وطلقتها برسالة على الموبايل وبعدها عرفت بأنها ذهبت إلى الدكتور النفساني أو ربما تستر والله أعلم فذهبت وأرجعتها بعد يومين، وكانت في بيت صديقة لنا ولم تمر فترة قليلة حيث ثارت مشكلة أخرى، وطلبت هي مني الطلاق وأمام شهود، وأخذتها إلى البيت وتوسلت إليها وحاولت أن تعدل عن رأيها ولكن بلا نفع حيث بقيت ليل كامل، وجامعتها قلت عسى ولعل تعدل عن رأيها ولكن في الصباح أصرت على أن أطلقها بصراخ وعويل والعياذ بالله، وشككت بشخصيتي إن لم أطلقها وأخذتها إلى الملا الذي عقد على زواجنا وأخوه حيث طلقتها أمامهم، وذهبت إلى حيث لا أعلم أيضا إلى المجهول وإذا بها عند الغروب ترسل لي رسالة تسألني عن صحتي، وأخذت العاطفة تمرمرني وحبي لها يسحقني وأخذنا نتبادل الرسائل ليلتين بلا انقطاع وبلا نوم، وطلبت منها الرجوع فورا بعد أن علمت بأنها ستضيع بين أناس فاشلين وساقطين فأرجعتها ولكن لم أمسسها وهي الآن في بيتي ونجلس أنا وهي ولكن هناك حدود بيننا عكس ما كنا. أطلب منكم الرد على رسالتي بالسرعة أو استضافتي على الياهو جات لأشرح قضيتي بوضوح أكثر عند توجيه الأسئلة لي. أرشدوني هل أسرحها بالمعروف أم هي زوجتي؟ علما أن طابع الغيرة يختلف عن جميع النساء وحب التمليك يتمالكها، وأنا لدي أطفال ووالدي وأختي الكبرى لأنهم أعادونا إلى البيت بعد فترة لا تتجاوز شهرين. فأرشدوني هداكم الله وأغيثوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن ما حدث بينك وبين هذه المرأة من الخلوة وتبادل النظرات والأحاديث وغيرها قبل الزواج أمر محرم لا يرضي الله سبحانه، ولعل من نتاج شؤمه وعقوبته ما أصبحت تعاني منه من همّ واصب ونكد دائب بعد زواجك بها، فإن المعاصي تظهر عقوباتاها ولو بعد حين، قال الله سبحانه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. {طه:124}. وقد قال الله سبحانه: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا. {النساء: 123}. وقد روى ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ. الآية وكل شيء عملناه جزينا به؟ فقال: غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء؟ قال: فقلت بلى. قال: هو ما تجزون به. انتهى.

فدل هذا الحديث على أن ما يصيب المؤمن من هم وحزن وكآبة إنما هو بسبب ذنوب تقدمت منه ولكن هذا برحمة الله وفضله يكون كفارة لذنوبه.

فالواجب عليك هو أن تتوب إلى الله جل وعلا مما كان منك من علاقتك السابقة بهذه المرأة.

وأما عن زواجك منها فلم تذكر لنا كيفية هذا الزواج، فإن كانت هي التي زوجتك بنفسها فإن الزواج بها باطل لأن المرأة لا يزوجها إلا وليها أو الحاكم عند عدم الولي، فإن عدم الولي والحاكم فحينئذ يزوجها رجل من المسلمين بإذنها.

أما إن كان وليها هو الذي زوجكها أو لم يكن لها ولي فزوجكها غيره من عدول المسلمين نظرا لتعذر التزويج عبر القضاء فالزواج صحيح.

يبقى بعد ذلك النظر في تطليقك لها فنقول:

أما طلاقك لها عن طريق رسالة الجوال فإنه واقع ما دمت قد قصدت به الطلاق، وأيضا فإن طلاقك الثاني لها أمام الناس واقع.

أما ألفاظ الطلاق السابقة على ذلك مما ذكرت أنك قد تلفظت بها أثناء المشكلات فهذا لا نقدر على إفتاءك بشأنه لأنك لم تبين لنا حقيقته، ولكنا على العموم نقول: إن كنت قد أوقعت الطلاق عليها صريحا فإنه يقع مهما كانت نيتك، وأيضا يقع الطلاق إن كنت قد علقت وقوعه على شيء ووقع المعلق عليه إذا كنت قاصدا وقوع الطلاق عند حدوث الفعل المعلق عليه، وإذا كان قصدك مجرد التهديد للامتناع عن الفعل فقد اختلف أهل العلم في وقوعه. والذي عليه الأئمة الأربعة وأكثر أتباعهم هو أنه واقع، وخالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وأخرون، والراجح عندنا هو الوقوع.

مع العلم أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاث تطليقات فإنها تكون قد حرمت عليه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني