الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يبذل القرض من عليه ديون

السؤال

إذا كان رجل عليه ديون طائلة، وتأخذ عدة سنوات لقضائها؛ لأنه لا يملك شيئا لسدادها إلا أنه يعمل ساعات طويلة ويدخر كل شهر حتى يجمع مبلغا يسدد به أحد الدائنين. فهل يجوز إذا طلب رجل مريض قرضا من هذا المديون أن يقرضه أم أن المدخر معه أولى للديون؟ أرجو الرد سريعا حيث إن هذا العمل يتوقف على ردكم؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان الدين الذي في ذمة هذا الرجل غير حال، فلا حرج عليه في أن يقرض ما بيده من مال لذلك المريض، سيما إن كان يعلم أنه سيسدد له القرض في وقته أو عند الحاجة إليه. وذلك أولى من ادخاره. وأما إن كان الدين حالاً فيجب عليه أن يبادر بسداد دينه أولاً، ولا يقرضه إلا إذا أذن له أصحاب الدين في ذلك، أو غلب على ظنه حصول الوفاء من جهة أخرى، إذ لا يتنفل من عليه القضاء كما يقال. وأداء الديون واجب، وبذل القرض تطوع، والواجب مقدم على التطوع.

وللإمام النووي تفصيل جميل في ذلك نذكره حيث قال رحمه الله في المجموع: إذا أراد صدقة التطوع وعليه دين فقد أطلق المصنف -الشيرازي- وشيخه أبو الطيب وابن الصباغ والبغوي وآخرون، أنه لا تجوز صدقة التطوع لمن هو محتاج إلى ما يتصدق به لقضاء دينه. وقال المتولي وآخرون: يكره، وقال الماوردي والغزالي وآخرون: لا يستحب، وقال الرافعي: لا يستحب، وربما قيل: يكره. هذا كلامه، والمختار أنه إن غلب على ظنه حصول الوفاء من جهة أخرى فلا بأس بالصدقة وقد تستحب، وإلا فلا تحل، وعلى هذا التفصيل يحمل كلام الأصحاب المطلق. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني