الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب في السجود وضع الجبهة على الأرض أم تمكينها؟

السؤال

جزاكم الله ألف خير على ما تنفعون به الأمة بفتاويكم من خلال هذا الموقع.
على موضع السجود عند منابت الشعرأعلى الجبهة، أصاب المنطقة أحمرار وحكة وصارت بها قشور جلدية، فحاولت أن لا أضغط أكثر على ذلك الموضع عند السجود واستعنت بيدي حتى يخف الضغط نوعا ما دون رفع الجبهة عن الأرض، ولكن بمرور الوقت، أصابني وسواس وخفت أن لا يكون ذلك جائزا ولا تقبل صلاتي، فما حكم ذلك؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الواجب في السجود هو مجرد وضع الجبهة على الأرض مع الطمأنينة، وهذا مذهب المالكية، قال في مواهب الجليل: ولفظ ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب السجود: وهو تمكين الجبهة والأنف، يعني بلفظ التمكين أنه يضع جبهته وأنفه بالأرض على أبلغ ما يمكنه وهذا هو المستحب، وأما الواجب فيكفي فيه وضع أيسر ما يمكن من الجبهة. انتهى.

وقال ابن عرفة في حد السجود: والسجود مس الأرض أو ما اتصل بها من سطح محل المصلي كالسرير بالجبهة والأنف. انتهى.

وعلى هذا المذهب فلا إشكال في كون صلاتك صحيحة لحصول مس الأرض بالجبهة حال السجود.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن مجرد المس لا يكفي، ولكن لا بد من تمكين الجبهة من محل السجود، وهذا مذهب الشافعية قال الإمام النووي ـ رحمه الله: والصحيح من الوجهين أنه لا يكفي في وضع الجبهة الإمساس، بل يجب أن يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه حتى تستقر جبهته، فلو سجد على قطن أو حشيش أو شيء محشو بهما وجب أن يتحامل حتى ينكبس ويظهر أثره علي يد لو فرضت تحت ذلك المحشو، فإن لم يفعل لم يجزئه، وقال إمام الحرمين: عندي أنه يكفي إرخاء رأسه ولا حاجة إلى التحامل كيف فرض محل السجود والمذهب الأول. انتهى.

وعلى هذا المذهب إن كان سجودك بهذه الكيفية المذكورة من تمكين الجبهة من الأرض فصلاتك صحيحة، وأما إن كنت تكتفي بمجرد مس الأرض بالجبهة، فإن كنت عاجزاً عن غير هذا فصلاتك صحيحة، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}. ولقوله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286}.

فإذا كان ما فعلته هو أكثر ما تقدر عليه من وضع الجبهة، فقد فعلت ما وجب عليك، قال النووي ـ رحمه الله ـ في باب صلاة المريض: ويجب أن يقرب جبهته من الأرض للسجود أكثر ما يقدر عليه، قال الرافعي: حتى قال أصحابنا لو قدر أن يسجد على صدغه أو عظم رأسه الذي فوق جبهته وعلم أنه إذا فعل ذلك كانت جبهته أقرب إلى الأرض لزمه ذلك، ولو سجد على مخدة ونحوها وحصلت صفة السجود بأن نكس ورفع أعاليه إذا شرطنا ذلك أو كان عاجزاً عن الزيادة على ذلك أجزأه، وعليه يحمل فعل أم سلمة ـ رضي الله عنها. انتهى بتصرف.

وأما إذا كنت لم تمكن جبهتك من الأرض مع القدرة على ذلك واكتفيت بمجرد مس الأرض بها، فعليك عند الشافعية إعادة الصلوات التي صليتها على هذه الصفة لإخلالك بركن من أركانها وهو السجود.

والذي ظهر لنا من السؤال أنك تضع جبهتك على الأرض ممكناً لها إلا أنك لا تبالغ كثيراً في التحامل عليها، فإذا كان كذلك فصلاتك صحيحة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني