الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استفتاء القلب.. رؤية شرعية

السؤال

أهلا بهذا الموقع المحبب إلي والذي أفادني كثيرا. أريد أن أستفسر: أنا طالب بكلية الطب، وقرأت ولمدة سنتين في الانترنت والفتاوى والاختلافات وكتب صغيرة. فماذا أفعل كي آخذ فتوى هل آتي بالرأي الحلال والحرام وأوازن بينهما أم آخذ برأي شيخ مثلا ابن عثيمين وهو كما تعلمون ميت وآخذ بآرائه كلها أم ماذا أفعل؟ سؤالي بالتحديد : هل أعتبر عاميا؟ ومتى أعتبر مجتهدا خاصة أني ذو شخصيه قلقة؟ وكيف أستفتي قلبي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فللمستفتي حالتان: الأولى: أن يكون مؤهلا للنظر في الأدلة الشرعية وأقوال أهل العلم واستنباط الأحكام. فهذا يجب عليه الترجيح والموازنة بين أقوال العلماء والنظر في أدلتهم حتى يصل إلى معرفة الحكم الشرعي.

الحالة الثانية: ألا يكون أهلا للنظر والاستدلال، بل يكون عاميا، فهذا إنما عليه أن يستفتي من يثق به ممن هو من أهل العلم والورع، ولا يلزمه الأخذ بجميع آراء إمام بعينه، لكن عليه الحذر من تتبع رخص العلماء. وإن أخذ بالأحوط خروجا من اختلافهم فهو أفضل.

ولا حرج في تقليد عالم ميت على الراجح. جاء في آداب الفتوى للنووي: وفي جواز تقليد الميت وجهان: الصحيح جوازه؛ لأن المذاهب لا تموت بموت أصحابها ولهذا يعتد بها بعدهم في الإجماع والخلاف، ولأن موت الشاهد قبل الحكم لا يمنع الحكم بشهادته بخلاف فسقه. والثاني: لا يجوز لفوات أهليته كالفاسق. وهذا ضعيف، لا سيما في هذه الأعصار. وانظر الفتاوى أرقام: 55029، 62771، 1839.

وأما شروط الاجتهاد والتي يعرف بها الإنسان ما إذا كان مؤهلا لذلك أم لا، فقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 117907.

وأما كيفية استفتاء القلب فيقول الشيخ عبد الله بن جبرين في شرح عمد الأحكام: يعني: انظر إلى هذا الشيء؛ هل تجد أن نفسك ترتاح لهذه المعاملة أم تجد أن نفسك تكرهها وتتوقف فيها.

والأمر باستفتاء القلب إنما هو موجه لأصحاب الفطر السليمة.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرح رياض الصالحين : والنبي عليه الصلاة والسلام إنما يخاطب الناس أو يتكلم على الوجه الذي ليس فيه أمراض أي ليس في قلب صاحبه مرض، فإن البر هو ما أطمأنت إليه نفس صاحب هذا القلب الصحيح، والإثم ما حاك في صدره وكره أن يطلع عليه الناس.

كما أن استفتاء القلب إنما يكون فيما اشتبه على المسلم من أمر الحلال والحرام، أو البر والإثم، مما لم يرد فيه نص، وليس معناه ترك طلب العلم وترك سؤال أهل العلم، اكتفاء بما في القلب دون الاهتداء بنصوص الوحي والاستعانة بأهل العلم. وانظر الفتوى رقم: 38050.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني