الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وصال النبي صلى الله عليه وسلم وحكم الوصال إلى السحر

السؤال

مبارك عليكم الشهر الفضيل ، أردت- لوسمحتم- التأكد من معلومة سمعتها تخص الصيام وهي: جواز إطالة الصيام إلى السحر، لكن الأولى أن لا يواصل.
فقد سمعت بأن شيخا خطب في الناس خطبة الجمعة ووضح في بداية حديثه أن لا يواصلوا الصيام، ثم ذكر لهم حادثة حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبين لهم بأن أشخاصا واصلوا الصيام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن فعل ذلك، فقالوا إنهم فعلوا ذلك اقتداء به صلى الله عليه وسلم، فنهاهم وقال إنه يختلف عنهم فالله يطعمه ويسقيه، ثم قال لهم إنهم يستطيعون مواصلة الصيام إلى السحور .
فهل هذه الحادثة صحيحة وبأن الرسول صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام إلى اليوم التالي ؟ وهل فعلا مواصلة الصيام إلى السحور جائزة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكره هذا الخطيب من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يواصل وأن هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم لكونه يطعمه ربه ويسقيه، وكونه رخص في الوصال لمن أراده إلى السحر، كل هذا صحيح دلت عليه الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصَلَ فِي رَمَضَانَ فَوَاصَلَ النَّاسُ فَنَهَاهُمْ. قِيلَ لَهُ أَنْتَ تُوَاصِلُ، قَالَ: إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى. ونحوه في الصحيحين عن عائشة وأبي هريرة، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر.

قال الحافظ في الفتح: وذهب أحمد وإسحاق وابن المنذر وابن خزيمة وجماعة من المالكية إلى جواز الوصال إلى السحر لحديث أبي سعيد المذكور، وهذا الوصال لا يترتب عليه شيء مما يترتب على غيره إلا أنه في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه يؤخره، لأن الصائم له في اليوم والليلة أكلة فإذا أكلها السحر كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره وكان أخف لجسمه في قيام الليل، ولا يخفى أن محل ذلك ما لم يشق على الصائم وإلا فلا يكون قربة.

وانفصل أكثر الشافعية عن ذلك بأن الإمساك إلى السحر ليس وصالا بل الوصال أن يمسك في الليل جميعه كما يمسك في النهار وإنما أطلق على الإمساك إلى السحر وصالا لمشابهته الوصال في الصورة، ويحتاج إلى ثبوت الدعوى بأن الوصال إنما هو حقيقة في إمساك جميع الليل وقد ورد أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يواصل من سحر إلى سحر. انتهى.

ووجه جواز الوصال من السحر إلى السحر هو ما ذكره الحافظ رحمه الله، وإن كان ترك الوصال أولى لأن السنة في حق الصائم هي تعجيل الفطر لحديث سهل ابن سعد رضي الله عنه في الصحيح: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر.

هذا وقد بينا حكم الوصال وأقوال العلماء فيه فانظريها في الفتوى رقم: 103332.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني