الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التلفظ بالطلاق حال غضب الزوج الذي يفقده الإدراك

السؤال

مشكلتي وزوجي: أن زوجي أحب في السابق فتاة وخطبها، ولكنه تفاجأ بعد خطبتها أنها متعلقة بابن عمتها وعندما صارحها بمشاعره أصرت على الطلاق وهو يرفضه وأدخلت القضية المحاكم حتى حصلت على الطلاق بدون إرادته، وبعدها تزوجته ولم أكن أعلم بأن لديه عقدة نفسية فهو سريع الغضب كثير الحلف بالطلاق، وعند الغضب يصبح مجنونا، بدليل صكه على أسنانه وضربة المبرح لي، وإثرها يتلفظ بالطلاق، وعند استفاقته من غضبه يكون شديد الندم ـ حتى إنه أثناء الغضب يقفز على الكراسي، ويحطم أشياء ويقول لي ابتعدي عني، أقبل أيديك ابتعدي عني، ابتعدي عني ـ أثناء الغضب، فهل يقع طلاق في حالة غضبه بمثل هذا الشكل؟ لقد أفتوني في بلدي أنه كالمجنون، وأنا متأكدة لو عرض نفسه على طبيب نفسي أثناء عصبيته لأدخله المصحة العقلية من شدة جنونه أثناء الغضب، والمشكلة الآن بعدما أعادونا في دائرة الإفتاء ولم يحسبوا طلقات، أنه أثناء غضبه نتيجة مشكلة مع أهلي، قال علي الطلاق بالثلاثة إذا ذهبت إليهم، وسكت، ثم قال وأنت وابنتي كمان، أفتوني بحالته هذه، علما بأنه بزوال ثائرة غضبه يكون زوجا رائعا، لكن غضبه لا يحتمل، هل يعقل أن أحرم من أهلي من أبي وأمي وأخوتي؟ وهل يعقل أنه إذا أصاب أبي مكروه أن لا أقدر أن أراه في بيت أهلي؟ وخاصة أن ما يطلبه مخالف لبر الوالدين، مع العلم أن أهلي يحبونه وهو يحبهم، لكن عند الغضب لا يفكر بما يقول ولا بعواقب الأمور، فماذا أفعل؟ أنا لا آكل ولا أشرب من هول الموضوع، فأنا لا أقدرتحمل أن أحرم من أهلي، ولا أقدر أن أحرم ابنتي من أب حنون، لكنه مجنون عند الغضب، هذا شهر رمضان، وأهلي عزمونا على الإفطار، فماذا أقول لهم؟.
أرجوكم ساعدوني في أسرع وقت ممكن.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، إلا أن يصل إلى حد يفقد الإدراك كالجنون، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 1496.

فإذا كان زوجك يتلفظ بالطلاق حال غضبه الذي يفقد الإدراك، فلا يقع هذا الطلاق، وكذلك حلفه عليك بالطلاق الثلاث لمنعك وبنتك من الذهاب إلى أهلك إن كان صدر منه حال غضب شديد بحيث لم يكن يعي ما يقول فلك أن تذهبي إلى بيت أهلك ولا يترتب عليه شيء، وأما إذا كان قد حلف مدركاً لما يقول فإنك إن ذهبت إلى بيت أهلك تطلقين ثلاثاً، وهذا مذهب الجمهور، خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أن الحلف لا يقع به طلاق، وإنما فيه كفارة يمين، وننصحك أن تذهبي للمحكمة الشرعية أو لمن يوثق في علمه في بلدكم وعرض الأمرعليه مباشرة.

كما ينبغي عليك أن تنصحي زوجك باجتناب أسباب الغضب الشديد ومحاولة ضبط النفس، والسعي في معالجة هذا الأمر، ويمكنه أن يعرض نفسه على طبيب نفسي، مع المحافظة على الأذكار المشروعة وكثرة الدعاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني