الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلزم المرتد إذا أسلم قضاء الصيام

السؤال

أختكم في الله: بالنسبة لإسلام المرتد في رمضان، هل يقضي ما فاته؟ والسؤال تنطبق عليه الإجابتان الأوليان على مذهب الجمهور ومذهب الشافعية، فالحقيقة أن السؤال محتمل، وقد بحثت في موقعكم في قسم الفتاوى فلم أجد ما ترجحونه، وهل هومذهب الجمهور؟ أم مذهب الشافعي؟ ومن اللازم أن لا تكون الأسئلة محتملة، لأن هذا يخضع لاختلاف الآراء، وقد نجاب بفتوى الجمهور ويكون مرادكم مذهب الشافعي، أو العكس.
نرجو الإجابة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقضاء المرتد الصوم وغيره من العبادات بعد رجوعه للإسلام محل خلاف بين أهل العلم، فأوجبه الشافعية والحنابلة ولم يوجبه المالكية والحنفية، قال الشيرازي في المهذب: وإن كان مرتدا وجبت عليه، وإذا أسلم لزمه قضاؤها لأنه اعتقد وجوبها وقدرعلي التسبب إلي أدائها فهو كالمحدث.

وقال النووي مفصلا خلاف العلماء في المسألة: أما الكافر المرتد فيلزمه الصلاة في الحال، وإذا أسلم لزمه قضاء ما فات في الردة، لما ذكره المصنف، هذا مذهبنا لا خلاف فيه عندنا، وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد ـ في رواية عنه ـ وداود لا يلزم المرتد إذا أسلم قضاء ما فات في الردة ولا في الإسلام قبلها وجعلوه كالكافرالأصلي يسقط عنه بالاسلام ما قد سلف. انتهى.

ومذهب الحنابلة هو لزوم القضاء للمرتد، قال في حاشية الروض: فلا يجب عليه أي الكافر الصوم ولو مرتدًا، لأنه عبادة بدنية محضة تفتقر إلى نية، فكان من شرطه الإسلام ولا يصح صوم كافرـ بأي كفر كان ـ إجماعًا، والردة تمنع صحته إجماعًا لأن الصوم عبادة محضة، فنافاها الكفر، كالصلاة بلا خلاف، ويقضي ما فاته زمن الردة، لأنه التزم الوجوب بالإسلام، دون الكافر الأصلي إجماعًا، وترغيبًا في الإسلام. انتهى.

وقد سبق لنا أن رجحنا قول الشافعية وهو لزوم القضاء في الفتوى رقم: 55964، وممّا يقوي هذا القول أنه أحوط وأبرأ للذمة وفيه خروج من خلاف العلماء، والخروج من خلافهم ما أمكن أولى.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني