الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشتد غضبه فطلق امرأته وكرر اللفظ ثلاثا

السؤال

حصلت مشكلة بين والدي وأمي مما أدى إلى خروج أمي 5 أشهر
وبعدها، حصلت مواجهة بين الأولاد وبين أبي وكانت مواجهة قوية جداً جداً وكان الطرفان في غاية العصبية، وأخيرا قامت أختي باحتقار أبي وقالت أنت لا تستحق أمي وهي تشير إليه من أعلى وأسفل، وبعدها قال أبي: أمك لا تساوي إصبع رجلي الصغير، وأختي ردت باحتقار واستفزاز شديد ـ مسكين حالك ـ فثار أبي كثيراً ثم قال: هل تريدينني أن أطلق أمك فسكتت، ولكنها أخذت تنظر إليه بشكل استفزازي ثار أبي والتفت إلى عمي وقال أطلقها، أختي الأخرى ردت، وقالت طلقها، وأبي قال ـ أمك ـ وسكت، عمي قال لا ـ يا ـ انتظر، لكنه كان ينظر إلى أختي وهي تنظر إليه بحدة واستفزاز وتحد، فقال ـ أمك ـ وكان ينظر إلى أختي وهي تستفزه بنظراتها ـ وكانت عينيه جاحظة من الغضب ـ وقال: أمك طالق وكررها ثلاثا، وكانت هذه الطلقة الثالثة، وبعدها بثواني ندم وقال أنتم السبب في الطلاق وأصبح ثائرا ويرتجف، فهل أمي في هذه الحالة مطلقة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن أختك التي صدر منها هذا الكلام البذيء في حق أبيها قد وقعت في العقوق وسوء الخلق والفسق وقلة الدين ـ والعياذ بالله تعالى ـ فمثل هذا الكلام الجارح لا يجوز أن يخاطب به أحد من المسلمين ـ فضلا عن الأب الذي يجب عليها الإحسان إليه وتوقيره وبره ـ فقد أمر الله تعالى بإحسان صحبة الأبوين وبرهما ـ ولو كانا كافرين ـ حيث قال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.

ونهي عن مخاطبتهما بأي لفظ يدل على الإساءة، حيث قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا{الإسراء:23}.

وإذا كانت كلمة أف ونحوها مما يدل على التضجر محرمة في حق الأبوين فمن باب أحرى ما صدر من أختك هذه ـ والعياذ بالله تعالى ـ كما أن العقوق من كبائر الذنوب، ففي الصحيحين وغيرهما: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر، أو سئل عن الكبائر، فقال: الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين.

وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 95960.

وأختك الثانية ـ أيضا ـ قد عقت أباها وارتكبت معصية عظيمة حين أمرت والدها بطلاق أمها فكانت السبب في ذلك.

وعليك نصح أخواتك وإخوتك بضرورة بر الأب وخطورة عقوقه والتأكيد على أن وجود خلاف بينه مع الأم لا يوجب عقوقه ولا يسقط حقه في الإحسان والبر.

وبخصوص الطلاق الذي تلفظ به والدك، فإن كان يعي ما يقول فطلاقه نافذ وتحرم عليه زوجته، لأنك ذكرت أن هذه الطلقة الثالثة فتكراره للطلاق لم يصادف محلا، فلا تحل له زوجته ـ إذن ـ حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول، ولو كان هذه هو الطلاق الأول لكان الحكم أيضا عند جماهير العلماء هو تحريمها عليه، لما ذكرته من تكراره الطلاق، أما إن كان غضبه شديدا بحيث صار لا يعي ما يقول فهو في حكم المجنون ولا يلزمه شيء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني