الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأثر المدمر الناتج عن إهمال تربية الأبوين لأولادهم

السؤال

أرشدوني بارك الله فيكم فأنا أريد أن أستفتي عن: كيف أتصرف مع أبنائي من الناحية الشرعية؟ فهما يضيعان الصلاة ويسمعان الأغاني ويقللان الأدب مع الجميع، وخاصة عندما لا نستجيب لدلالهما الزائد حتى وصل الأمر إلى أن يسب أحدهم الله ـ والعياذ بالله ـ أخرجناهما لغرفة خارجية حتى نسلم من أذاهما، غير أنهما أخذا معهما تلفازا وراديو حتى - يتمتعا-, وأنا أخاف أن أمنعهما من التلفاز والراديو فيبطشا بي.
وجزاكم الله خيراً على إفادتكم ونسألكم الدعاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلعلك أدركت أيتها السائلة أنه قد كان لك ولمن كان قائماً معك على تربية هؤلاء الأولاد من زوج أوغيره دور كبير فيما آل إليه أمرهما من الفساد والشر، وقد اعترفت بذلك ضمنا عند حديثك عن دلالهما الزائد، وهذه نتيجة حتما لمن يفرط في تربية أولاده ويطلق لهم الحبل على الغارب في شهواتهم وأهوائهم حتى إذا كبروا وشبوا على هذه الحياة المنحرفة أخذ الآباء يندمون ويتحسرون ـ ولات حين مندم ـ فعليكم بالتوبة إلى الله سبحانه مما كان منكم من تفريط في تربية أولادكم وتضييع وصية الله سبحانه لكم فيهم، فقد قال سبحانه: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ.{النساء:11}.

قال السعدي ـ رحمه الله: أي: أولادكم - يا معشر الوالدين- عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. انتهى.

أما ما يحدث منهما من هذا الفجور الذي وصل إلى حد الكفر والخروج من دين المسلمين بسب الله سبحانه وتعالى وجل في علاه، فهذا لا يجوز السكوت عليه مطلقاً، بل عليكم أولاً أن تنصحوا لهما وتعظوهما وتعلموهما بقبح هذا الذي يصنعون وتعلموا هذا الساب بحكم السب وأنه انسلاخ من دين المسلمين وكفر برب العالمين بلا خلاف، وعليكم ـ مع ذلك ـ أن تدلوا عليهم بعض أهل الخير من أصحاب العلم والدعوة إلى الله سبحانه، فإن الصحبة الطيبة لها أثر عظيم في نقل العبد من بيئة الغفلة والمعصية إلى بيئة الطاعة والذكر، فإن أصر هذا الساب على هذا الفعل الشنيع فعليكم أن تتبرأوا منه فلم يعد بينكم وبينه رحم ولا ولاية، وما دمت أيتها السائلة تخشين على نفسك من عدوانهم عليك إن أنت منعتهم من أدوات المعصية هذه من تلفاز ونحوه، فلا حرج عليك أن تكتفي بالإنكار باللسان والقلب ويتضمن ذلك هجرهم وإظهار البغض لهم ولأفعالهم، وفي النهاية نوصيك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه أن يهديهم ويوفقهم للتوبة ويصرف عنهم كيد شياطين الجن والإنس، مع التوبة والاستغفار من الذنوب والحرص على الكسب الحلال، فإن مثل هذه المآسي إنما تكون غالباً بسبب البعد عن منهج الله وانتهاك حرماته وتعدي حدوده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني