الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صرف زكاة الفطر إلى جمعية إسلامية

السؤال

عندنا جمعية إسلامية، وهذه الجمعية في أمس الحاجة المادية لتسديد واجبات الإيجار وبعض المصاريف الأخرى، فهل يجوز لنا أخذ زكاة الفطر التي جمعناها في الجمعية؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف العلماء في مصرف زكاة الفطرعلى ثلاثة أقوال، جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر على ثلاثة آراء: ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها على الأصناف الثّمانية الّتي تصرف فيها زكاة المال، وذهب المالكيّة - وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيميّة - إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين، وذهب الشّافعيّة إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثّمانية، أو من وُجد منهم. انتهى.

والراجح ـ إن شاء الله ـ أن مصرف زكاة الفطر يختص بالفقراء والمساكين، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: ولهذا أوجبها الله تعالى طعاماً، كما أوجب الكفارة طعاماً، وعلى هذا القول: فلا يجزئ إطعامها إلا لمن يستحق الكفارة، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم، فلا يعطى منها في المؤلفة، ولا الرقاب، ولا غير ذلك، وهذا القول أقوى في الدليل، ثم قول النبي صلى الله عليه وسلم: طُعمة للمساكين.

نصٌّ في أن ذلك حق للمساكين، كقوله تعالى في آية الظهار: فإطعام ستين مسكيناً.

فإذا لم يجز أن تصرف تلك للأصناف الثمانية: فكذلك هذه. انتهى باختصار.

وممن انتصر لهذا القول ورجحه العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع، وبه تعلم أن الواجب على أفراد هذه الجمعية والذين وكلهم إخوانهم في توزيع صدقة الفطرعلى المستحقين أن يضعوها في مواضعها التي عينها الله عز وجل وأن لا ينفقوا منها شيئا في مصلحة هذه الجمعية، بل عليهم أن يبادروا بدفعها إلى الفقراء والمساكين، وحتى على قول الجمهورـ الذين يرون أن مصرف زكاة الفطر هو مصرف زكاة المال ـ فإن جواز دفع الزكاة إلى هذه الجمعية محل اختلاف بناء على: هل يشمل ـ مصرف في سبيل الله ـ الأعمال الدعوية ونحوها أم لا؟ والذي رجحه بعض أهل العلم دفع الزكاة لهذه الجمعيات الإسلامية على اعتبار دخولها في مصرف في سبيل الله، وبخاصة إذا كانت في أوروبا وكانت بحاجة ماسة لهذا المال، وعلى هذا القول، فلا بأس من صرف زكاة الفطر في حاجات هذه الجمعية، قال الشيخ عبد الله بن جبرين ـ رحمه الله ـ في حكم دفع الزكاة في إنشاء مركز إسلامي: لامانع من عمارة هذا المشروع من أموال الزكاة لاعتبار ذلك من سبيل الله، لما فيه من تعليم القرآن والتوحيد والأحكام الشرعية والدعوة إلى الله وذلك داخل في سبيل الله، لأنه يقرب إلى الله ويعتبر من أفضل الأعمال الشرعية كقتال الكفار لدخولهم في الإسلام، فإن وجدت أموال من التبرعات وغلة الأوقاف وما أشبه ذلك صرفت في هذا المشروع، فإن توقف ولم يوجد له إلا أموال الزكاة جاز صرفها فيه. انتهى.

وننبه هاهنا إخواننا القائمين على هذه الجمعية إلى أن تأخرهم في دفع زكاة الفطر للمستحقين هذه المدة مما يستوجب منهم التوبة النصوح، فإن تأخير زكاة الفطر عن يوم العيد لا يجوز، بل ذهب بعض أهل العلم إلى عدم جواز تأخيرها عن الصلاة، لحديث ابن عباس: من أداها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. رواه أبو داود.

قال شمس الحق في عون المعبود: والظاهر أن من أخرج الفطرة بعد الصلاة كان كمن لم يخرجها باعتباراشتراكهما في ترك هذه الصدقة الواجبة، وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنماهو مستحب فقط وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر، والحديث يرد عليهم، وأما تأخيرها عن يوم العيد، فقال ابن رسلان: إنه حرام بالاتفاق، لأنها زكاة فوجب أن يكون في تأخيرها إثم كما في إخراج الصلاة عن وقتها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني