الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن ثمانية أبناء , وزوجة وأخ شقيق وأبناء ابن

السؤال

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: زوجة، وثمانية أولاد، وابن ابن، وابن ابن ابن، وأخ شقيق. علما بأن زوجة ابن الميت حامل.
فضيلة الشيخ: هذا أب توفي، وقد تزوج بثلاث نساء, الأولى: معه منها أربعة أولاد وثلاث بنات.
الثانية: عنده منها ولدان وست بنات.
الثالثة: عنده منها ولدان وثلاث بنات.
الأولى ـ فضيلة الشيخ ـ كان قد طلقها وتوفت منذ أشهر ـ رحمها الله ـ وتزوج بثانية وتوفيت أيضا ـ رحمها الله ـ فبقيت زوجته الثالثة .
تزوج من تزوج من بناته وأولاده, منهم من ذهب إلى أوربا وكون حياته هناك, والزوجة الأولى وبناتها وبنتان من الزوجة الثانية كفلهم ابنها الأكبر, وبقي الأب مع زوجته الأخيرة وذريتهما وابنين من زوجته الثانية حتى وافته المنية بمرض في رأسه ـ رحمه الله.
ترك قطعة أرضية مساحتها 10000م عليها منزلان واحد بثلاث طبقات كانت تسكن فيه العائلة، وآخر أرضي وترك قطعة أخرى 1000م وثانية6000 م وثالثة 12800م ورابعة 5هكتارات، وقيمة الأراضي تختلف من واحدة لأخرى.
فضيلة الشيخ: هذا الأب منذ ما يناهز 10سنوات من موته وهب لزوجته الثالثة وابنين منها وابنين من الزوجة الثانية ال10000م مع المنزل و ال12800م دون بقية أبنائه وبناته, و انتشر هذا الخبر عندما وصل به المرض الغيبوبة، فهل يحل لمن وهب له أن يحتفظ بهذه الهبة وأنها قد أتتهم من طريق حلال؟ وهل هذه الهبة جائزة شرعا؟ وما فعله الأب بينه وبين ربه, وليس واجبا على الأولاد و الزوجة أن يكفروا عن الأب ذالك الذنب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أخي السائل أن الأب مطالب شرعا بأن يعدل بين أولاده ـ ذكورا وإناثا ـ في العطية, لعموم قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان {النحل: 90}.

ولقوله صلى الله عليه وسلم لوالد النعمان بن بشير لما أعطى أحد أولاده دون الآخرين: أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ لَا، قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ، قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. متفق عليه.

والمفتى به عندنا أن العدل بين الأولاد في العطية واجب، وأن الأب إذا لم يعدل وجب رد تلك العطية حتى بعد مماته, كما في الفتويين رقم: 101286, ورقم: 103527, قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ فيما إذا مات الأب قبل أن يعدل: إذا مات وجب على المفضَّل أن يرد ما فضِّل به في التركة، فإن لم يفعل خصم من نصيبه ـ إن كان له نصيب ـ لأنه لما وجب على الأب الذي مات أن يسوي، فمات قبل أن يفعل صار كالمدين، والدين يجب أن يؤدى، وعلى هذا نقول للمفضَّل: إن كنت تريد بر والدك فرد ما أعطاك في التركة. اهـ.

فإذا كان والدكم ـ كما ذكرت ـ وهب لبعض أولاده دون بعض بدون مسوغ فيجب رد تلك العطية ويقسمها الورثة بينهم وفق الشرع.

وأما إذا كان لفعله ذلك مسوغ فإنه يمضي، وراجع في مسوغات الإيثار في هبة الأب لعبض أبنائه فتوانا رقم: 6242.

وأما كيفية قسمة التركة فإن السائل ذكر في أثناء السؤال أن لوالده اثني عشر بنتا, ثلاثا من الزوجة الأولى وستا من الثانية, وثلاثا من الزوجة الثالثة, ولكنه في بيانات الورثة لم يذكر أن للميت بناتا, وهذا مشكل. وعلى كل، فإذا كان الميت مات عمن ذكر في بيانات السؤال ثمانية أبناء , وزوجة وأخ شقيق وأبناء ابن ولم يترك وارثا غيرهم كبنات, فإن لزوجته الثمن والباقي للأبناء الثمانية، ولا شيء لأبناء الابن ولا للأخ الشقيق ولا لحمل زوجة ابنه, وإن كان ترك بناتا، فإن للزوجة الثمن والباقي بين الأبناء والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين, ويجب سداد ديون الميت من التركة قبل قسمتها، لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال، كما بيناه في الفتوى رقم: 6159.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني