الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تبرأ الذمة برد قيمة الذهب المسروق الذي تم بيعه

السؤال

أنا سرقت من أمي ذهبها وبعته قبل الوظيفة، وقد أغواني الشيطان، ثم تبت ورجعت المال إلى أمي عند استلامي للوظيفة دون علمها بأني أنا السارقة، والآن أنا اشتغل موظفة، وبالإضافة إلى هذا عندي حرفة عمل الإكسسوارات أبيعها والمردود المالي من هذه التجارة أضعه في البنك الإسلامي ونويته لأمي لعل الله يغفر لي ما حييت. وسؤالي هو هل أستر على نفسي أمام أمي ولا أصارحها بأني سرقتها، مع العلم أنها تذكر من سرقها بالدعاء عليهم وتعتقد أن خادمتنا القديمة هي من سرقتها، أنا أحب أمي كثيراً ولا أنام إلا أن أقبل يدها وأسمع كلمة الرضا علي منها كل ليلة وأنا بارة بها إلى أبعد الحدود، ولكني أخاف أن أموت وهي غير راضية علي لأنها لا تعلم من سرقها، وأنا أخشى أن أفقدها إذا علمت أنني سرقتها، وأخاف الله فيها، وأتمنى أن يغفر الله لي ويتوب علي، وأنا أعلم أن رضا الله من رضا الوالدين، وأن من مات ووالدته غاضبة عليه دخل النار، فأريد أن أعلم ماذا أفعل؟ فأنا حزينة لا أنام الليل من هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن غصب حلياً من الذهب ثم استهلكه فقد وجب عليه أن يرد قيمته، جاء في التاج والإكليل: وفي المدونة: ومن غصب من رجل سوارين من ذهب فاستهلكهما فعليه قيمتهما مصوغين من الدراهم وله أن يأخذه بتلك القيمة. وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 95304.

وعليه، فما دمت قد رددت لأمك القيمة فنرجو أن تكون ذمتك قد برئت من هذا الحق، يبقى بعد ذلك التوبة إلى الله جل وعلا واستغفاره ثم المبالغة في بر الأم والإحسان إليها، فلعل هذا يكفر ما كان منك من إساءتها بسرقة ذهبها، ولا يلزمك أن تعلميها بأنك أنت من أخذ هذا الذهب خصوصاً إذا كنت تخافين أن يؤثر هذا على علاقتك بها، أما اتهامها للخادمات فعليك أن تنصحيها بأن هذا لا يجوز طالما أنه لا يوجد دليل على ذلك؛ لأن اتهام البرآء دون بينة إثم عظيم، قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}، قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا. أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه. فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا. انتهى.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج. رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني. وردغة الخبال هي عصارة أهل النار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني