الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إمامة من به إعاقة تمنعه من بعض هيئات الصلاة

السؤال

الموضوع: نريد فتوى عن صحة صلاة هذا الإمام .
نتقدم إليكم برسالتنا هذه عن جماعة المصلين في المسجد بخصوص الإمام القائم والراتب في هذا المسجد، وذلك لما لدينا من ملاحظات على صحة صلاته بنا كإمام ووضع الصلاة في الكيفية التي يكون عليها هذا الإمام.
أولا: إن الإمام يعاني من إعاقة في رجله اليمنى مما لا يمكنه من الجلوس بين السجدتين بالطريقة الصحيحة حيث إنه لا يجلس بين السجدتين، بل يستند على كفيه وركبتيه.
أما في جلسات التشهد فلديه صعوبة أن يجلسها حتى يفتر بجسمه ويدور إلى غير القبلة، لكي يمد رجله المعاقة على الأرض ثم يرجع إلى القبلة بشكل عادي.
ثانيا: علما بأنه يوجد من الأشخاص المتعلمين والمتعافين من يستطيع الصلاة بالناس ولديهم الترتيل والتجويد الكافي.
وأما الصلاة المنفردة فيقضيها بالجلوس على كرسي.
نرجو من سماحة العلماء أن يفتونا في صحة إمامته بالناس، وهل هو الأولى بالإمامة، مع أن الناس يكرهون ذلك منه، ولكن الحياء يمنعهم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان دوران الإمام عند تهيئه للجلوس لا يخرجه عن جهة القبلة ـ وليس عينها ـ فصلاته صحيحة، لما رواه الترمذي وقواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا بَيْنَ اَلْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ. هـ.

فإذا كانت قبلتكم مثلا لجهة الشمال، وكان إمامكم أثناء دورانه لا يلتفت إلى جهة الشرق أو الغرب، وإنما يبقى في حيز المسافة بينهما فهذا لا يعد خروجا عن القبلة ما دام متجها إلى جهتها، قال ابن عثيمين: فكل ما بين المشرق والمغرب فهو في حقهم قبلة، كذلك مثلاً نقول للذين يصلون إلى الغرب نقول ما بين الجنوب والشمال قبلة. انتهـى.

وقال أيضا: الأمر واسع، فلو رأينا شخصاً يُصلِّي منحرفاً يسيراً عن مُسامَتَةِ القِبْلة، فإن ذلك لا يضرُّ، لأنَّه متَّجه إلى الجهة وهذا فرضه. انتهـى.

وأما إذا كان يخرج بدورانه عن اتجاه الشمال إلى الشرق أو الغرب فلا يجوز الاقتداء به على تلك الحال، لكونه عاجزا عن شرط وهو استقبال القبلة. وقد اختلف الفقهاء في صحة الاقتداء بعاجز عن شرط أو ركن، قال المرداوي في الإنصاف: وَمَنْ عَجَزَ عن رُكْنٍ أو شَرْطٍ لم تَصِحَّ إمَامَتُهُ بِقَادِرٍ عليه، وَقِيلَ تَصِحُّ. انتهـى.

وقال في منار السبيل: ولا تصح إمامة العاجز عن شرط أو ركن إلا بمثله، لإخلاله بفرض الصلاة إلا الإمام الراتب بمسجد المرجو زوال علته. انتهـى.

وأما استناده على ركبتيه وكفيه أثناء الجلوس بين السجدتين فهذا لا تبطل به الصلاة ـ والله لا يكلف نفسا إلا وسعها ـ ما دام لا يقدر على غيره. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. رواه البخاري.

ولا شك أن إمامة غيره ممن هو قادر على أداء الصلاة على الوجه الصحيح أولى وأفضل، وإذا كان أكثر الناس يكرهون إمامته ـ لما ذكر ـ فالأفضل له أن يتنحى عنها، والذي ننصحكم به هو رفع الأمر إلى وزارة الأوقاف عندكم وإخبارهم بالأمر حتى يتم استبدال الإمام بغيره ممن ترضونه وهو أولى بالإمامة من غيره جمعا للكلمة وإقامة للسنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني