الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يكثر من قول أنت طالق لزوجته ويدعي أنه كان غاضبا

السؤال

لقد قمت بعد زواجي بشهر برمي الطلاق على زوجتي بسبب مشكلة مع الأهل وقد تلفظت بكلمة: طالق ثلاث مرات, ثم ذهبت إلي شيخ علامة وأخبرني بأنه تجب علي التوبة والاستغفار ولم يقع الطلاق بما أنني كنت غاضبا جدا.
وبعد أن أصبحت زوجتي حامل في الشهر الثالث قمت برمي الطلاق عليها بكلمة طالق لمرة واحدة, وقمت بعدها بإرجاعها من بيت أهلها بدون علم أهلها عن الطلاق, وفي الشهر السابع من الحمل قمت مرة أخرى برمي الطلاق بكلمة طالق لمرة واحدة, وكذلك قمت بإرجاعها من بيت أهلها بدون معرفة أحد عن حدوث الطلاق,
والآن وبعد أن وضعت مولودها ـ الأنثى ـ فماذا علي أن أفعل؟ وهل يقع الطلاق أثناء الحمل؟ وما كفارته إن كان كذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الغضب الذي تلفظت بكلمة طالق ثلاث مرات أثناءه شديدا بحيث كنت لا تعي ما تقول فلا شيء عليك لارتفاع التكليف حينئذ، ولعل فتوى الشيخ المذكور قد جاءت بناء على هذه الحالة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 357270.

ومن أهل العلم من لا يرى نفوذ طلاق من توسط غضبه، كما بينا في الفتوى رقم: 115660.

وإن كنت تعي ما تقول فطلاقك نافذ، لكن ينظر في نيتك، فإن أردت التأكيد بمعنى أنك قصد ت إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط وجعلتَ ما بعدها تأكيداً أولم تقصد شيئاً لزمتك طلقة واحدة، وإن قصدتَّ التأسيس وهو إنشاء الطلاق بالعبارات الثلاث كلها لزمتك الثلاث وبالتالي، تكون زوجتك قد حرمت عليك حتى تنكح زوجاً غيرك ـ نكاحاً صحيحاً نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول، وهذا مذهب جمهور العلماء خلافاً لما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية من أنه لا تقع إلا واحدة، وفي بيان مذهب الجمهور قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق، وقال: أردت التوكيد، قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل.

وإن قصد الإيقاع وكررالطلقات، طلقت ثلاثاً، وإن لم ينو شيئاً، لم يقع إلا واحدة، لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة فلا يكن متغايرات. انتهى.

وفى حال لزوم الطلاق الثلاث فلا تقع الطلقتان الواقعتان أثنا ء الحمل وليس ذلك لأنهما وقعتا أثناء الحمل إذ الحامل يصح طلاقها، ولكن لعدم مصادفتهما محلا.

وفى حال وقوع طلقة واحدة ولم ترتجع زوجتك قبل تمام عدتها فقد بانت منك ولا تحل لك إلا بعقد جديد.

وتصح رجعتها بجماع أو مقدماته فقط بدون نية عند بعض أهل العلم، كما تقدم في الفتوى رقم: 307190.

وأما الطلاق أثناء الحمل فينفذ ـ كما قدمنا ـ باتفاق أهل العلم ولا تلزم كفارة بسببه، ففي الموسوعة الفقهية: يصح طلاق الحامل رجعياً وبائناً باتفاق الفقهاء. انتهى.

كما تصح الرجعة بدون علم الزوجة وأهلها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 126764.

وإن ارتجعتها بعد هذا الطلاق ـ ولو بجماع أو مقدماته ـ فالرجعة صحيحة وعدتها مستمرة حتى وضع الحمل ويترتب على ذلك وقوع الطلاق الثاني أثناء الحمل أيضا.

و الذي عليك الآن فعله هو النظر في حقيقة الطلاق الأول الذي تلفظت به أثناء غضبك، فإن كنت تعي ما تقول وقت الطلاق ولم يتغير عقلك فقد طلقت زوجتك ثلاثا إن كنت قصدت إنشاء الطلاق بكل لفظ من ألفاظ الطلاق التي كررتها وبالتالي، فقد حرمت عليك ولا تحل حتى تنكح زوجا غيرك ـ نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول.

وإن كان هذا الطلاق لم يقع لشدة الغضب أو لتوسطه ـ عند من يقول بذلك ـ فقد طلقت زوجتك مرتين بعد ذلك أثناء حملها، وإن ارتجعتها قبل وضع الحمل ـ ولو بجماع أو مقدماته ـ فهي باقية فى عصمتك.

وإن لم ترتجعها حتى وضعت حملها فقد بانت منك ولا بد من عقد جديد إذا أردت العودة إليها.

وإن كان الطلاق الأول محسوبا طلقة واحدة، لكونك نويت التأكيد أو لم تكن لك نية، فإن زوجتك تكون قد بانت منك بينونة كبرى بالطلقتين اللتين وقعتا بعد ذلك أثناء الحمل.

وننصحك بمراجعة المحكمة الشرعية للنظر في تفاصيل المسألة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني