الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شراء المراجع المنسوخة دون إذن أصحابها

السؤال

أريد أن أسأل عن حكم شراء المراجع الأجنبية الطبية المنسوخة ـ غير الأصلية ـ حيث إنها تفيدنا جدا في دراستنا، ولكن أسعار النسخ الأصلية مبالغ فيها، وقد لا تكون فى متناول الكثير منا، حيث تصل إلى 170 أو 200 جنيه في بعض الحالات، وفي بعضها الأخر أكثر بكثير، بينما يبلغ ثمن النسخ غير الأصلية ربع هذا الثمن أو أقل، علما بأن هذه المراجع لها حقوق ملكية لأصحابها تمنع تصويرها وبيعها، فما الحكم؟ وهل تعتبر سرقة فى هذه الحالة؟ وما حكم تحميل النسخ الإلكترونية من هذه المراجع من الأنترنت، حيث يقوم بعض الناس بنشر هذه النسخ الألكترونية التى قام أحد الناس فى أمريكا ـ مثلا ـ بشرائها وقام برفعها على أحد مواقع التحميل أو بنظام التورنت ليحملها كل الناس مجانا، مع العلم ـ أيضا ـ أن مجموعة كبيرة من هذه الكتب خاضعة لحقوق الملكية؟ وهل تعتبر سرقة أيضا؟ وهل هذا الحكم ينطبق على البرامج التعليمية الطبية وما شابهها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكر أهل العلم أن للمؤلف حقين في مؤلفه، حقا مادياً وآخر أدبياً، وهذا الحق المادي محفوظ لصاحبه حال حياته وينتقل إلى ورثته بعد مماته كسائر الحقوق المادية، وهذا الحق هو أن لا ينسخ أو يطبع إلا بإذن منه وراجع كلام أهل العلم ـ مفصلا وقرار مجمع الفقه الإسلامي بخصوص هذا الشأن ـ في الفتويين رقم: 1013606080.

من هنا يظهر أن ما يقوم به بعض الناس من نسخ هذه الكتب والمراجع بهدف التجارة فيها وبيعها للطلاب غير جائز، لأنه من باب التعدي على حقوق الناس وأخذها دون وجه حق.

وعليه، فلا يجوز لكم الشراء منهم، لأن في شرائكم منهم معاونة لهم على هذا الإثم والعدوان, ولكن هذا لا يعد سرقة بالمعنى الاصطلاحي, لأن السرقة عرفها أهل اللغة بقولهم: السارق عند العرب: من جاء مُسْتَتِراً إلى حِرْزٍ فأخذ منه ما ليس له، فإن أخذ من ظاهر فهو مُخْتَلِس ومُسْتَلِب ومُنْتَهِب ومُحْتَرِس، فإن مَنَعَ مما في يديه فهو غاصب.

انتهى من لسان العرب.

وعرفها أهل الشرع بقولهم: أخذ مال أو غيره من حرز خفية لم يؤتمن عليه.

انتهى من البهجة في شرح التحفة.

هذا بخصوص الشق الأول من السؤال الخاص بالنسخ بقصد التربح والتجارة.

أما بخصوص الشق الثاني: فلا شك أن ما يقوم به هؤلاء الناس من رفع هذه البرامج والمراجع على النت ليستفيد منها الناس ـ دون إذن أصحابها ـ مع خضوع هذه البرامج لحقوق الملكية غير جائز, أما انتفاعكم أنتم من هذه البرامج فهو محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من منع من ذلك نظرا لعدم إذن أصحابها في ذلك، ومنهم من أجاز الانتفاع لطالب العلم الذي يقصد الاستفادة الخاصة دون غيره ممن يقصد التربح, وقد بينا هذا الخلاف في الفتوى رقم: 13170.

وهذا الحكم ينطبق على البرامج التعليمية وغيرها مما هو خاضع لحقوق الملكية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني