الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استعملت دواء لدر الحليب فلم ينقطع دمها بعد الأربعين

السؤال

امرأة تتناول أدوية لدر الحليب لمولودها الجديد عمره الآن شهران، مع العلم أن الدم لم ينقطع إلى اليوم وهو في شكل قطرات. السؤال: ماذا تفعل في صلاتها مع العلم أن الأطباء أعلموها أن الدم ينقطع عند انقطاعها عن الدواء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأكثر النفاس أربعون يوما على الراجح من أقوال أهل العلم، وما رأته المرأة من الدم بعد الأربعين فإن وافق عادة حيضها فهو حيض وإن لم يوافق عادة حيضها فهو استحاضة، وهذا مذهب الحنابلة وهو الراجح عندنا ولتراجع الفتوى رقم: 123150.

وبناء على ما ذكر فقد كان على هذه المرأة أن تغتسل بعد مضي أربعين يوما من نفاسها إذ هي أكثر مدة النفاس إلا أن يكون الدم الذي رأته بعد الأربعين في وقت عادتها فإنها تمكث مدة العادة ثم تغتسل.

والواجب عليها الآن أن تغتسل وتصلي، وحكمها مع استمرار نزول الدم هو حكم المستحاضة فيجب عليها أن تتحفظ وتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي بوضوئها ذاك الفرض وما شاءت من النوافل، هذا إذا كانت لا تجد في أثناء وقت الصلاة زمنا يتسع لفعل الطهارة والصلاة، وينتقض وضوؤها بخروج الوقت.

وعليها أن تقضي صلوات الأيام التي وجبت عليها الصلاة فيها بعد مضي أكثر مدة النفاس، ثم إن استمر نزول الدم فإنها ترجع إلى عادتها إن كانت لها عادة تعرفها فتقعد مدة عادتها وما زاد عليها يكون استحاضة، وإن لم تكن معتادة فإن كان لها تمييز صالح بأن كانت تعرف صفة دم الحيض بلونه الأسود وريحه وغلظه والألم المصاحب لخروجه وتميزه من دم الاستحاضة، فإنها تجلس مدة ما ميزت فيه صفة دم الحيض وما عداه يكون استحاضة، ومن العلماء من يقدم العادة على التمييز، ومنهم من يقدم التمييز على العادة، وإذا لم تكن معتادة ولا مميزة فإنها تمكث غالب عادة النساء من أهلها ستة أيام أو سبعة وما عداها يكون استحاضة، وفي وقت هذه الأيام تفصيل، فإن كانت ناسية للعادة ففيها خلاف فقيل تجلسها من أول الشهر الهجري، وقيل تعمل بالتحري والاجتهاد، وإن كانت مبتدأة بالحيض فإنها تجلس من أول الشهر الهجري.

قال ابن قدامة رحمه الله: وهل تجلس أيام حيضها من أول كل شهر أو بالتحري والاجتهاد ؟ فيه وجهان أحدهما تجلسه من أول كل شهر إذا كان يحتمل [ لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال لحمنة : تحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ثم اغتسلي وصلي أربعا وعشرين ليلة أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها ]

فقدم حيضها على الطهر ثم أمرها بالصلاة والصوم في بقيته، ولأن المبتدأة تجلس من أول الشهر مع أنه لا عادة لها... الثاني أنها تجلس أيامها من الشهر بالتحري والاجتهاد وهذ قول أبي بكر و ابن أبي موسى لأن النبي صلى الله عليه وسلم ردها إلى اجتهادها في القدر بقوله : [ ستا أو سبعا ] فكذلك في الزمان ولأن للتحري مدخلا في الحيض بدليل أن المميزة ترجع إلى صفة الدم فكذلك في زمنه فإن تساوى عندها الزمان كله ولم يغلب على ظنها شيء تعين إجلاسها من أول الشهر. انتهى بتصرف.

وقد فصلنا هذه الأحكام في فتاوى كثيرة جدا، يمكن الاطلاع عليها في فتاوى الحيض عن طريق العرض الموضوعي للفتاوى، وإذا كانت هذه المرأة تحتاج إلى هذا الدواء لأجل إدرار الحليب لطفلها ولم يكن فيه ضرر عليها فلا حرج عليها في تناوله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني