الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيان الإرادة الكونية القدرية والإرادة الدينية الشرعية

السؤال

هل يجوز قول بأن كل شيء يشاؤه الله يفعله أم يفعل ما يشاء ؟وما الفرق بينهما ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالقولان المذكوران يجوز قولهما وهذا من الإيمان بمشيئة الله الكونية القدرية، والأحسن هو قول: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. قال تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. {يس: 82}. وكما قال سبحانه: وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ. {البقرة: 253}. وقال تعالى: إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. {النحل:40}.

وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ. رواه مسلم.

والمقصود بهذه المشيئة هنا: الإرادة الكونية القدرية وهي المشيئة الشاملة لجميع الموجودات.

وببيان أنواع الإرادة والفرق بينهما يتبين الجواب بوضوح، فنقول وبالله التوفيق:

أهل السنة يقولون: الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة كونية قدرية، وإرادة دينية شرعية.

والفرق بينهما أن الإرادة الكونية القدرية لا بد أن تقع، وأنها قد تكون مما يحبه الله كالطاعات، وقد تكون مما يبغضه الله كالمعاصي، وهذه الإرادة هي المطابقة لقولنا: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أي لا يقع في الكون خير أو شر إلا بمشيئة الله.

وأما الإرادة الدينية الشرعية فلا تكون إلا مما يحبه الله، وقد تقع وقد لا تقع لأن الله تعالى أعطى العبد اختيارا في الطاعة والمعصية.

وبهذا يتضح الفرق بين العبارتين المذكورتين في السؤال:

فإذا أريد بالمشيئة: المشيئة الكونية القدرية، فلا فرق بين العبارتين، إذ كل ما شاءه الله فقد وقع كما أراد، وكل ما فعله الله فقد وقع وفق مشيئته.

وإن أريد بالمشيئة: المشيئة الشرعية الدينية فلا فرق بين العبارتين في حق المؤمن لأنه وافق بإيمانه المشيئة القدرية والشرعية، وأما في حق الكافر وكل ما يكرهه الله سبحانه فالعبارتان غير صحيحتين حسب الفرق الذي ذكرناه بين المشيئة الكونية والشرعية.

ولمزيد من البسط لهذه المسألة راجع الفتويين: 77094، 104233.

هذا وينبغي عدم تشقيق المسائل والخوض في مسائل القدر لأنها مزلة أقدام ومضلة أفهام، وانظر الفتوى رقم: 53111. وما تفرع عنها من فتاوى، والفتوى رقم: 119070، والله الموفق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني