الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم زواج الرجل بمن زنى بها

السؤال

ما هو حكم الزواج من رجل زنى بامرأة أخرى ؟ وهل قوله سبحانه وتعالى "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة" يعني أنها إذا تزوجت به ستعتبر زانية أو مشركة؟ و كيف تتأكد من توبته إذا ادعى التوبة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزنا معصية شنيعة وكبيرة من كبائر الذنوب قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32}.

والرجل الزاني لا يجوز نكاحه لامرأة عفيفة إلا إذا ظهرت توبته عند بعض أهل العلم، والمسألة محل خلاف كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 53625، قال القرطبي في تفسيره: ولا يجوز التزوج بالزانية ولا من الزاني، بل لو ظهرت التوبة فحينئذ يجوز النكاح. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 2403.

والتأكد من توبته يكون بغلبة الظن بكونه قد استغفر الله تعالى وندم على فعله وابتعد عن الفاحشة وهذه الشروط الثلاثة مطلوبة للتوبة من كل ذنب، وقال بعض أهل العلم: تعرف توبته بأن تعرض عليه الفاحشة من طرف من يريد الزواج منها فإن امتنع فتوبته صحيحة وإن أراد الفاحشة فهو باق على حاله الأول. لكن الأخذ بالقول الأخير قد يترتب عليه مفاسد وبالتالي فينبغي تجنبه. قال ابن قدامة في المغني: وأما التوبة، فهي الاستغفار والندم والإقلاع عن الذنب، كالتوبة من سائر الذنوب. وروي عن ابن عمر، أنه قيل له: كيف تعرف توبتها ؟ قال: يريدها على ذلك، فإن طاوعته فلم تتب، وإن أبت فقد تابت. فصار أحمد إلى قول ابن عمر اتباعا له. والصحيح الأول، فإنه لا ينبغي لمسلم أن يدعو امرأة إلى الزنى، ويطلبه منها. ولأن طلبه ذلك منها إنما يكون في خلوة، ولا تحل الخلوة بأجنبية، ولو كان في تعليمها القرآن، فكيف يحل في مراودتها على الزنى، ثم لا يأمن إن أجابته إلى ذلك أن تعود إلى المعصية، فلا يحل التعرض لمثل هذا، ولأن التوبة من سائر الذنوب، وفي حق سائر الناس، وبالنسبة إلى سائر الأحكام، على غير هذا الوجه، فكذلك يكون هذا. انتهى.

ومَن تزوجت من رجل زان قبل توبته فقد أقدمت على أمر محرم ولا تعتبر زانية ولا مشركة، وتفسير الآية التي أشرت إليها جاء مفصلا في الفتوى رقم: 5662.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني