الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المزاح المشروع والممنوع

السؤال

ما حكم المزاح في الكلام مثل: أن أتحدث للناس بموقف طريف حصل لي، أو أن أمازح الناس ليضحكوا، أو التحدث بأمور طريفة بعيدا عن الكذب، وجميعها واقعة، لمجرد الضحك والترويح عن النفس والحكايات، وإذا كان الجواب بالجواز، فماذا يقصد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: إن الرجل ليتكلم الكلمة لا يريد بها بأساً، إلا ليضحك بها القوم فيقع بها أبعد مما بين السماء والأرض؟ وهل يقصد به الكذب في الكلام لمجرد المزح وإضحاك القوم؟ أم يقصد المزح بوجه عام حتى لو كان حقيقة وليس كذبا مثل ذكر موقف طريف قد حصل لمجرد إضحاك الأصدقاء؟ وما صحة هذا الحديث؟.
وـ أيضاً ـ ما تفسيرهذا الحديث؟ الذي جاء في معناه: لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدة فتخلفه.
علما بأن الحديث الأخير يقال عنه إنه ضعيف، وهـل المزح حرام؟ خاصة أن هناك أحاديث بين الرجل وزوجته وأولاده لا يقصد بها سوى إضحاكهم والترفيه والترويح عنهم بدون كذب، فما هو حكم ذلك؟.
وشكراً لكم، وفقكم الله وجزاكم الجنة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن المزاح مباح في الأصل ـ إن لم يكن فيه كذب ولا إيذاء للناس ـ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً: فقد قيل له يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: إني لا أقول إلا حقاً.

رواه أحمد والبخاري في الأدب، وصححه الألباني ، وأما الحديث الأول الذي ذكره السائل فقد ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع الصغير ، وضعفه ـ قبله ـ المناوي في فيض القدير، وضعفه الهيثمي فقال: فيه أبو إسرائيل إسماعيل بن خليفة وهو ضعيف ـ كذا في مجمع الزوائد.

ونقل المناوي عن الغزالي: أن المراد بالحديث ما فيه غيبة مسلم أو إيذاؤه، وليس المراد محض المزاح.

انتهى.

وأما الحديث الثاني: فقد ضعفه العراقي في تخريج أحاديث الأحياء، وضعفه كذلك الألباني.

وقد ذكر ابن حجر في الفتح: أنه يجمع بينه وبين الأدلة المبيحة للمزاح أن المنهي عنه ما فيه إفراط أو مداومة عليه، لما فيه من الشغل عن ذكر الله والتفكر في مهمات الدين ويئول كثيرا إلى قسوة القلب والإيذاء والحقد وسقوط المهابة والوقار، والذي يسلم من ذلك هو المباح، فإن صادف مصلحة مثل تطييب نفس المخاطب ومؤانسته فهو مستحب.

انتهى.

ويدخل في المزاح المباح مباسطة الأهل والأولاد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يداعب أهله وكان يداعب الصبيان، وقد ذكر البخاري في الأدب عدة أحاديث في مزاحه صلى الله عليه وسلم مع الكبار والصغار في باب المزاح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني