الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنت وصديقك ضامنان للمال

السؤال

أنا طالب أدرس على نفقة المجتمع خارج بلدي، ولدينا منح شهرية ورسوم تعطى كل سنتين بخصوص الحاسوب، ورسوم عن الكتب تعطى كل سنة لكل طالب.
ولدي صديق انتقل إلى بلد آخر وأوقف جميع معاملاته في البلد الأول من معاملات مالية ودراسية وبدأ ـ من جديد ـ في بلد آخر، علما بأنه جلس في البلد الأول ما يقارب شهرين فقط، وعندما ذهب إلى البلد الآخر طالب بحقه في رسوم الحاسوب والكتب وهي تقارب ـ 2500 دولارـ فقالوا له يجب عليك أن تحضر إلينا رسالة من البلد الذي كنت فيه بأنك لم تأخذ رسوم الحاسوب والكتب، وأنا كصديق له أصبحت كل يوم أتردد على السفارة لكي يعطوني هذه الرسالة والتي تفيد أنه لم يستلم رسوم الحاسوب والكتب وبعد عناء طويل وافقوا أن يعطوني الرسالة، لكن بعد التأكد من ملفه وأنه لم يستلمها من قبل عندما كان معهم فكانت النتيجة أنهم سلموا إليه المبلغ ووضعوه في حسابه الشخصي قبل مغادرته إلى البلد الثاني ـ وهو لا يعلم ـ وقالوا لي تأكد من أنه موجود في حسابه، وإذا لم يكن موجدا فسوف نعطيك الرسالة، فطلبت من صديقي أن يبعث إلي البطاقة المصرفية، لكي أتأكد من أن المبلغ ـ فعلا ـ مدرج في حسابه، فقام بإرسالها من البلد الذي يقيم فيه وأعطاني الرقم السري للبطاقة وعندما سألته كم في حسابه؟ قال لي 25 دولارا، وسألته هل أسحب كل ما أجده في حسابك؟ فقال لي اسحب كل شيء، وعندما قمت بالكشف على حسابه وجدت المفاجأة ـ وهي أنه يوجد فيه ما يقارب 19.000 ألف دولار ـ أي تسعة عشر ألف دولار ـ فانصدمت وقلت له وجدت في حسابك هذا المبلغ فتفاجأ وقال لي في الأول هذا ليس لي خذ حقي وأرجع الباقي إلى أصحابه، إما أن تكون السفارة أو شخص ما أودع هذا المبلغ في حسابي بالخطإ، والراجح ـ بما يعادل 90% ـ أن تكون السفارة لا تزال تصرف له راتبه الشهري والذي يقدر 1650 دولارا شهريا على سبيل النسيان، علما بأنه قد مضى على قفل ملفه إلى أن كشفت عن الحساب سنتان، ولكن بعد ساعة قال لي إنه قام بعملية جراحية في أنفه ويريد من السفارة الموجودة في البلد التي هو فيها حاليا مبلغا من المال ولم يسددوه له، وهذا الملبغ يناهز المبلغ الذي أريده منهم، فلا ترجع إليهم شيئا، وقال لي خد ألف يورو هدية لأطفالك واسحب المبلغ وقم بتحويله إلى حسابي، في البداية سحبت له ما يقارب: 7000 دولار وبعد ذلك توقفت وسألت نفسي هل ما أقوم به شرعي؟ أم أنه حرام وعلي إثمه؟ فتوقفت فورا.
والسؤال هنا: هل أقوم بكل ما يقوله لي وأسحب المبلغ وأحوله إليه في البلد الذي يوجد فيه وآخذ 1000 يورو التي أهداها إلى أطفالي؟ وهل أأثم على كوني سحبت له المبلغ وأنا وإياه نعرف أنه ليس من حقه؟ مع العلم بأنني مأمور وليست لي علاقة بالموضوع، وهل من حقه أن يأخذه ويعتبره دينا يريده من السفارة؟.
وعذرا على الإطالة، وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز لك التعاون معه على الباطل وأكل مال الناس بغير حق، وقد أقر لك بأن المبلغ ليس له فكف عن إرساله إليه، لئلا تكون شريكا له في الإثم، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ {المائدة:2}.

وما قمت بإرساله إليه من الفلوس بعد أن علمت كونه ليس له فأنت ضامن له ـ إن لم يرضوا بتركه لصاحبك ـ لأن توكيله إياك في سحبه له، وكالة في أمر محرم واعتداء على حق الغير لا يجوز لك العمل بمقتضاها، ويلزمك رد ذلك المبلغ الذي قمت بسحبه فورا للجهة المسؤولة عنه، ثم بعد ذلك لك أن ترجع على صاحبك فتأخذه منه، لكونه هو من أتلفه وانتفع به وهو من سلطك عليه ببطاقته، فكلاكما ضامن له.

كما لا يجوز لك أن تأخذ منه الهدية المذكورة التي أمرك بأخذها لنفسك وأولادك، لأنه لا يملك النقود، وما حرم أخذه حرم إعطاؤه وقبوله، كما في القواعد الشرعية المقررة.

وأما كونه يطالب السفارة بعوض عن عملية أنفه: فإن ذلك لا يبيح له الاستيلاء على مالها بغير إذنها، لكن إذا أعلم السفارة بسفره وانتقاله إلى بلد آخر وتركت له ما دفعت إليه ـ إن كانت هي صاحبة القرار في المال ـ فلا حرج عليك في تحويله إليه وكذا أن تأخذ منه ما أمرك به ويسقط عنك ضمان ما حولته إليه سابقا، لكونه قد آل إليه، كالغاصب يغصب مالا ثم يؤول إليه بهبة أو غيرها، وللمزيد انظر الفتويين رقم: 113995، ورقم: 114288.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني