الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدل وإنصاف في الحياة الزوجية والتعامل بين الزوجتين

السؤال

أنا امرأة متزوجة منذ 20 سنة و لي خمسة أبناء و أقيم أنا و زوجي وأولادي في المدينة التي يعمل فيها زوجي وهي بعيدة عن إقامة أهلي وأهله،. حرمت نفسي كل هذه السنوات من معظم كماليات الحياة(من لباس و طعام وحلية...)من أجل أن يجمع زوجي المال الكافي لشراء سيارة نستطيع أن نسافر بها إلى أهلنا بدون عناء.
وبعد كل هذه المدة تزوج زوجي بإمرأة ثانية تقيم بهذه المدينة وأنجب منها ولدين و سؤالي فيما يخص العدل والإنصاف في أمور مختلفة كالتالي:
1-هل يجوز لزوجي أن يستعمل سيارتنا ليسافر مع زوجته الثانية و التجول معها و قضاء حاجياتها.
2 -هل يجوز له إن أردت الذهاب لزيارة أهلي أن يجعل هذا السفر بالتداول مع الزوجة الثانية أي أنه لا أستطيع السفر إلى أهلي مرة تلوى الأخرى حتى يسافر معها في السيارة لأي غرض ما ثم بعد ذالك يأتي دوري في السفر وهذا حتى ولو كنت مدعوة لوليمة أو زفاف أو غيرها من الأسباب مع العلم أن الزوجة الثانية تقيم أمام أهلها وتزورهم متى شاءت أما أنا فبعيدة عن أهلي فهل هذا عدل
والآن أصبح زوجي يرغمني على استعمال وسائل النقل العمومية للسفر مع أولادي الصغار .....ولا يريد استعمال سيارتنا التي طالما ضحيت من أجل أن نشتريها لكي تسهل علينا شقاء السفر. ( وذالك ليتفادى المشاكل). هل يجوز له ذالك
3 -هل يحق لزوجي بأن يأخذ أشياء من بيتي لكي يستعملها في بيته الثاني مع العلم أن هذه الأشياء أردنا في وقت ما أن نبيعها لنشتري أغراض أخرى تحتاج إليها العائلة، و هل يحق له أن يشتري آلات جديدة لزوجته الثانية دون أن يفكر في تغيير آلاتنا القديمة ( التي يوم تعمل ويوم لا تعمل).
4 -هل عدل من زوجي انه عندما يشتري كمية من الطعام أو الفاكهة التي تكفي أسرته الثانية المتكونة من الأبوين و طفلان لم يتجاوزا 3 سنين فإنه يشتري نفس الكمية لأسرتنا المتكونة من الأبوين و5 أشخاص يتراوح عمرهم بين 2 سنين و23 سنة
5 -هل يجوز لزوجي بأن يدخل زوجته الثانية في بيتي وهذا في غيابي و بدون موافقتي و يسمح لها بتغيير أشياء من موضعها
وأخيرا أشكركم على هذا الموقع الإسلامي وعلى الفتاوى القيمة و بارك الله فيكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم، وأن يلهمكم رشدكم، وأن يقيكم شرور أنفسكم. ثم اعلمي أختنا الكريمة أن غيرة المرأة حين يُثنِّي زوجها بغيرها أمر جبلي، لا تلام عليه المرأة ولا تذم، ما دامت تؤدي ما يجب عليها من حقوق، ولا تحملها غيرتها على ظلم أو تعد على زوجها أو ضرتها

. وللمرأة الصالحة التي تبتلى بذلك أجر عظيم وثواب جسيم إن هي صبرت واحتسب واتقت ربها في نفسها وزوجها ومن حولها.

ولذلك نوصيك بالصبر الجميل وأن لا تضيعي معروفك السابق مع زوجك بسبب الغيرة، أو حتى بسبب ظلمه لك، بل اجتهدي في الإحسان إليه طلبا لرضا الله وثوابه، بغض النظر عن تقصيره هو، وليكن شعارك هو قوله تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ {النساء: 34}

ونسوق لك أختنا الكريمة وصايا غالية للفاروق عمر بن الخطاب، تجدين فيها النفع والخير والبركة إن أنت امتثلت لها، قال سعيد بن المسيب: وضع عمر بن الخطاب للناس ثماني عشرة كلمة حكم كلها، قال: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه. وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك. ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير حملا. ومن كتم سره كانت الخيرة بيده. ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن. وعليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء. ولا تهاونوا بالحلف بالله عز وجل فيهينكم الله. ولا تسأل عما لم يكن فإن فيما قد كان شغلا عما لم يكن. ولا تعرض بما لا يعنيك. وعليك بالصدق وإن قتلك الصدق. ولا تطلب حاجتك إلى من لا يحب نجاحها لك. واعتزل عدوك. واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من خشى الله. ولا تصحب الفجار فتعلم من فجورهم. وذل عند الطاعة. واستعصم عند المعصية. وتخشع عند القبور. واستشر في أمرك الذين يخشون الله فإن الله تعالى يقول: إنما يخشى الله من عباده العلماء اه.

وأما بخصوص السؤال فإنا نذكر إجابته من خلال النقاط الآتية:

1 ـ العدل بين الزوجات شرط لجواز التعدد، كما قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3} ومن جملة هذا العدل التسوية بينهن في النفقة الواجبة، وأما النفقة الزائدة على القدر الواجب فالتسوية بينهن فيها محل خلاف بين أهل العلم، ولا شك أن الأحوط هو العدل، وهو الموافق لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه والنسائي وأحمد، وصححه الألباني. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وتنازعوا في العدل (المساواه) في النفقة هل هو واجب أو مستحب؟ ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة اهـ. وقد سبق لنا بيان هذا الخلاف وبيان مقدار النفقة الواجبة في الفتويين رقم: 49823 ، 11389.

2 ـ السيارة المذكورة في السؤال هي ملك للزوج، وكون السائلة الكريمة أعانت زوجها على امتلاكها باستغنائها عن كماليات الحياة لا يعني أنها شريكته فيها، وإن كانت مشكورة ومأجورة على ذلك بإذن الله تعالى. ولذلك فلا حرج على زوجها في استعمالها في قضاء حوائج زوجته الثانية من سفر أو غيره.

3 ـ ليس من العدل أن يعلق الزوج سفر السائلة إلى أهلها بهذه السيارة على تعاقب انتفاع زوجته الثانية بها في مقابل هذا السفر؛ لأن أهلها قريبون منها ولا تحتاج إلى سفر لزيارتهم بخلاف السائلة.

4 ـ لا يحرم على الزوج الامتناع من السفر بهذه السيارة مع أيٍّ من زوجتيه، ولو كان البديل هو المواصلات العامة، ما دام هناك محرم شرعي يرافق الزوجة، من أبنائها البالغين أو غيرهم. أما لو سافرت برفقة أبنائها الصغار وحدهم، فقد سافرت بغير محرم، وهذا لا يجوز، لأن المحرم لابد أن يكون بالغا عاقلا، وراجعي الفتوى رقم: 46251.

5 ـ إذا سافر الزوج مع إحدى زوجاته لحاجتها هي، كزيارة أهلها أو علاجها، فإنه يقضي للأخرى هذه الأيام إن عاد من سفره. أما لو سافر لحاجته هو فإنه يقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها سافر بها ولم يقض للأخرى بعد عودته، وقد سبق لنا ذكر بعض أحكام سفر الرجل بإحدى زوجتيه في الفتوى رقم: 4955 . ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين رقم: 117844 ، 115557.

6 ـ آلات بيت الزوجية إن كانت ملكا للمرأة فلا يحق للزوج أن يتصرف فيها إلا بإذنها، وأما إن كانت ملكا له هو فلا حرج عليه أن يتصرف فيها، سواء في بيت زوجته الثانية أو غيرها، بشرط عدم الحيف على الأولى والإضرار بها.

7 ـ لا حرج على الزوج في شراء آلات جديدة لبيته الثاني، ما دام هناك مثلها في بيته الأول حتى ولو كانت قديمة؛ فإنها كانت في وقتها جديدة. أما إن كانت هذه الآلات تالفة لا تعمل، فوجوب شراء مثلها للبيت الأول فرع لما قدمناه من وجوب التسوية في النفقة غير الواجبة.

8 ـ نفقة الزوجة غير نفقة الأولاد، فينبغي على الزوج أن يعدل بين زوجتيه في النفقة، وكذلك بين أولاده، فيعطي كل أسرة ما يناسب عدد أفرادها وأعمارهم.

9 ـ إدخال الزوج إحدى زوجتيه بيت الأخرى وتمكينها من التغيير فيه، إذا كان يضر بصاحبة البيت أو يغضبها، فإنه لا يجوز له ذلك، وقد اشترط الفقهاء في بيت الزوجية أن يكون خاليا من سكنى ضرتها؛ لما بينهما من الغيرة، واجتماعهما يثير الخصومة والمشاجرة، كما في (الموسوعة الفقيهة).

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني