الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحب الواجب والمباح والحرام، وعلاج الحب الحرام

السؤال

أحب امرأة منذ أربع سنين ولكن لا ألاقيها ولا أجامعها. أنا مسلم وحب هذه المرأة هو السبب أني لا أشعر بحلاوة الإيمان هل هذه مشكلة كبيرة؟ما ذا أعمل لكي أنسى هذه المرأة لأني لا أريد أن أتزوجها؟هل حبها شر لي؟ماذا أفعل لكي أشعر بحلاوة الإيمان؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن النفس إن لم تُشغل بالحق شغلت صاحبها بالباطل، والحب أمر فطري جبل عليه الإنسان، فإنه لا بد أن يحب، ولكن الشأن بعد ذلك من هو المحبوب الذي يستحق أن تتعلق به النفوس؟
والمحبة -كما يقوله المحبون- لها سببان: الجمال والإجلال، والرب سبحانه وتعالى له الكمال المطلق، فإنه جميل يحب الجمال، فلا يستحق أن يحب لذاته من كل وجه سواه. وألأم اللؤم -كما قال ابن القيم رحمه الله- تخلف القلوب عن محبة من هذا شأنه، وتعلقها بمحبة سواه.
فأولى ما يجب على الإنسان السعي فيه تحصيل هذه المحبة، بتحصيل أسبابها، وأهم الأسباب في ذلك: القيام بفرائض الله سبحانه، ثم التقرب إليه بالنوافل، فذلك سبب لمحبة الله عز وجل للعبد، وإذا أحب الله العبد رزقه محبته سبحانه، ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: "وما تقرب إليَّ عبدي بأفضل مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه" وهذه المحبة هي التي تنور الوجه، وتشرح الصدر، وتحيي القلب، وهي المحبة النافعة التي تجلب لصاحبها ما ينفعه في دنياه وآخرته، وبها يجد الإنسان حلاوة الإيمان،
وهي عنوان السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، ويقابل هذه المحبة ويصادمها المحبة الشركية التي يسوي فيه المحِبٌ بين محبته لله، ومحبته للند الذي اتخذه من دون الله، فالمحبة الشركية تعني كمال الحب، مع كمال الخضوع لغير الله سبحانه وتعالى، وليس من المحبة الشركية المحبة الطبيعية -أي التي جُبل عليها الإنسان بطبعه- كمحبته للأبناء وللزوجة، وما شابه ذلك من أنواع المحاب.
فمحبة الرجل للمرأة إذا كانت حلالاً عليه لا يذم عليها، بل يمدح ويحمد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "حبب إلي من دنياكم: النساء والطيب" وهذا النوع من العشق قربة وطاعة، وهو داع عظيم إلى المقاصد التي شرع الله لها النكاح، وأكف للبصر والقلب عن التطلع إلى غير أهله، وهذا العاشق محمود عند الله وعند الناس.
وأما عشق الرجل لغير زوجته إن كان واقعاً من غير قصد كعشق امرأة سمع وصفها من غير قصد، أو نظر إليه فجأة فتعلق قلبه بها، ولم يحدث له ذلك العشق معصية، فهذا لا يذم ولا يعاقب عليه، والأنفع له مدافعته والاشتغال عنه بما هو أنفع له منه، ويجب الكتم والعفة والصبر فيه على البلوى فيثيبه الله على ذلك، ويعوضه على صبره وعفته وتركه طاعة هواه، وإيثار مرضاة الله وما عنده.
وأما إن كان عشقه لغير زوجته بسببٍ محرم كالنظر إليها، أو الاختلاء بها، أو ما شابه ذلك، فذاك أمر محرم يجب عليه التوبة منه، وقطع أسبابه.
أما ما يفعله السائل لينسى هذه المرأة: فهو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأى أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه" فننصح الأخ بالمسارعة بالزواج إن كان يقدر عليه، وإن لم يكن يقدر على ذلك فعليه بالصوم والاشتغال بما يقرب إلى الله، ويزيد من حبه له.
والله الموفق.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني