الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حبس العاصي إذا فوت عليه حضور صلاة الجماعة

السؤال

يا شيخ: عندي إخوة فعلوا شيئا غير أخلاقي خارج المنزل، ولذلك منعناهم من الخروج خارج المنزل حتى لا يقوموا بفعل هذه الأشياء مرة أخرى وعقابا لهم، فهل يجوز أن يصلوا الصلوات ـ بما في ذلك الجمعة ـ في المنزل؟ أم يجب عليهم أن يذهبوا إلى المسجد؟.
أفيدوني أرجوكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم تذكر لنا السائلة حقيقة العمل الذي وصفته بقولها: غير أخلاقي ـ حتى تتسنى لنا معرفة: هل هو من النوع الذي يحبس فاعله أم لا؟ ولكننا نقول ـ على سبيل الإجمال ـ إن كان الإخوة المشار إليهم غير مكلفين ـ أي لم يبلغوا سن الرشد ـ فلا حرج في منعهم من الخروج من البيت إلى المسجد, وأما إن كانوا بالغين، فالصلاة في المسجد واجبة عليهم في الأصل, لكن إن علم أنهم إن أطلقوا ذهبوا وارتكبوا ما حرم الله ـ كشرب خمر أو زنا أو إيذاء الناس ونحو ذلك ـ فلا حرج في حبسهم ومنعهم من الخروج، بل قد يتعين منعهم من باب النهي عن المنكر, وقد دلت السنة ـ أيضا ـ على منع آكل الثوم والبصل من دخول المسجد، لما يسببه من أذى للمسلمين فكذا يمنع من كان في خروجه إلى المسجد أذية للمسلمين ولم يمكن كف أذاه عنهم إلا بمنعه من الخروج من البيت، وقد حبس سعد بن أبي وقاص أبا محجن الثقفي وقيده ومنعه من القتال يوم القادسية، لكثرة شربه الخمر مع أنه كان يراهم وهم يقاتلون العدو وكان المسلمون في حاجة إلى شجاعته وقتاله، قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى: فلما التقى الناس قال أبو محجن: كفى حزنا أن تطرد الخيل بالقنا وأترك مشدودا علي وثاقيا فقال لابنة حفصة ـ امرأة سعد ـ أطلقيني ولك ـ والله ـ علي إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القيد فإن قتلت استرحتم مني، قال فحلته حتى التقى الناس ـ وكانت بسعد جراحة فلم يخرج يومئذ إلى الناس، قال وصعدوا به فوق العذيب ينظر إلى الناس واستعمل على الخيل خالد بن عرفطة ـ فوثب أبو محجن على فرس لسعد يقال لها البلقاء ثم أخذ رمحا ثم خرج فجعل لا يحمل على ناحية من العدو إلا هزمهم وجعل الناس يقولون هذا ملك، لما يرونه يصنع، وجعل سعد يقول: الصبر صبر البلقاء، والظفر ظفر أبي محجن، وأبو محجن في القيد، فلما هزم العدو رجع أبو محجن حتى وضع رجليه في القيد، إلخ.هـ.

وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: وأخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن سيرين: كان أبو محجن الثقفي لا يزال يجلد في الخمر، فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه، فلما كان يوم القادسية رآهم يقتتلون، فذكر القصة.هـ .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني