الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا إعادة على طلعت عليه الشمس وقد أدرك ركعة من صلاة الصبح

السؤال

بدأنا صلاة الفجر قبل الشروق بدقيقتين، لأنه قد غلبنا النوم ـ جميعًا ـ فصلّى الوالد بسورة الفاتحة وآخر سورة البقرة، ومن المُؤكد أن الوقت قد خرج ـ إما في القراءة أو الركوع ـ والله أعلم ـ فهل تلزمنا إعادة الصلاة مرة أخرى إذا كنا لا نعلم أخرج الوقت في قراءته؟ أم في الركوع؟. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا تلزمكم إعادة هذه الصلاة، لأنها وقعت صحيحة مجزئة عنكم مسقطة للفرض، خلافا للحنفية الذين ذهبوا إلى أن من طلعت عليه الشمس وهو يصلي الصبح، فإن صلاته تبطل بذلك لأن الصلاة بعد طلوع الشمس منهي عنها، وهذا مذهب مرجوح لمخالفته الحديث، والصواب أن من طلعت عليه الشمس وهو يصلي الفريضة فإن صلاته صحيحة ولا تلزمه إعادتها، قال ابن قدامة في المغني: وقال أصحاب الرأي فيمن طلعت الشمس وقد صلى ركعة: تفسد صلاته، لأنه صار في وقت نهي عن الصلاة فيه، وهذا لا يصح، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح. متفق عليه. وفي رواية: من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته. متفق عليه.

ولأنه أدرك ركعة من الصلاة في وقتها فكان مدركا لها في وقتها كبقية الصلوات، وإنما نهي عن النافلة، فأما الفرائض فتصلى في كل وقت بدليل أن قبل طلوع الشمس وقت نهي ـ أيضا ـ ولا يمنع من فعل الفجر فيه. انتهى.

وقد كان ينبغي لكم أن تخففوا الصلاة فتقتصروا على الأركان والواجبات لتتمكنوا من إدراك ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس، لتكون صلاتكم أداء، ولتخرجوا من خلاف من قال إن الوقت لا يدرك إلا بإدراك ركعة ـ وهو مذهب مالك وأحد قولي الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد.

والقول الثاني: أن من أدرك تكبيرة الإحرام في الوقت كانت صلاته أداء وعلى هذا القول تكون صلاتكم أداء وعلى القول الأول، فإنها تكون قضاء، وعلى كلا القولين، فإن صلاتكم وقعت صحيحة ولا تلزمكم إعادتها، قال ابن قدامة في المغني: فصل: وهل يدرك الصلاة بإدراك ما دون ركعة؟ فيه روايتان:

إحداهما: لا يدركها بأقل من ذلك ـ وهو ظاهر كلام الخرقي ومذهب مالك ـ لظاهر الخبر الذي رويناه، فإن تخصيصه الإدراك بركعة يدل على أن الإدراك لا يحصل بأقل منها، ولأنه إدراك للصلاة، فلا يحصل بأقل من ركعة كإدراك الجمعة.

والثانية: يدركها بإدراك جزء منها ـ أي جزء كان ـ قال القاضي: ظاهر كلام أحمد أنه يكون مدركا لها بإدراكه، وقال أبو الخطاب: من أدرك من الصلاة مقدار تكبيرة الإحرام قبل أن يخرج فقد أدركها، وهذا مذهب أبي حنيفة. وللشافعي قولان كالمذهبين، ولأن أبا هريرة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته. متفق عليه. وللنسائي: فقد أدركها.

ولأن الإدراك إذا تعلق به حكم في الصلاة استوى فيه الركعة وما دونها كإدراك الجماعة وإدراك المسافر صلاة المقيم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني