الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصل الإيمان وحقيقته وزيادته ونقصانه

السؤال

أرجو منكم الإجابة على سؤالي وعدم الإحالة على جواب آخر لأنكم أحلتموني ولكن الجواب الذي أحلتموني إليه لا يجيب عن سؤالي. نحن نعلم أن الإيمان قول وعمل: قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان، وأن هناك عملا من أعمال القلب يسمى الإيمان. ما هو الفرق بين الإيمان الذي هو قول وعمل والإيمان الذي هو عمل القلب؟ وأيهما الذي يزيد وينقص؟ مع ذكر الدليل من فضلكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الإيمان قد يراد به أصل الإيمان الذي في القلب، وقد يراد به حقيقته الكاملة المشتملة على القول والعمل: قول القلب وعمله، وقول اللسان وعمل الجوارح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَأَصْلُ الْإِيمَانِ : قَوْلُ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ التَّصْدِيقُ وَعَمَلُ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ الْمَحَبَّةُ عَلَى سَبِيلِ الْخُضُوعِ.

وقال أيضا: إذَا عُرِفَ أَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ فِي الْقَلْبِ فَاسْمُ " الْإِيمَانِ " تَارَةً يُطْلَقُ عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ الْأَقْوَالِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْأَعْمَالِ الْقَلْبِيَّةِ مِنْ التَّصْدِيقِ وَالْمَحَبَّةِ وَالتَّعْظِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَتَكُونُ الْأَقْوَالُ الظَّاهِرَةُ وَالْأَعْمَالُ لَوَازِمُهُ وَمُوجِبَاتُهُ وَدَلَائِلُهُ، وَتَارَةً عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ جُعِلَا لِمُوجَبِ الْإِيمَانِ وَمُقْتَضَاهُ دَاخِلًا فِي مُسَمَّاهُ

فالأول ـ والذي هو أصل الإيمان ـ إذا زال فإن اسم الإيمان يزول عن صاحبه مطلقا؛ لانتفاء مسماه، وهذا هو مطلق الإيمان؛ أي الحد الأدنى منه الذي يفرق بين المؤمن والكافر. وانظر الفتوى رقم: 115409.

وأما الثاني فهو الإيمان المطلق الكامل، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم 12517.

وهو إنما يصح نفيه عن عصاة الموحدين، باعتبار عدم تحقيقهم للإيمان الكامل الذي يستحقون به حصول الثواب والنجاة من العقاب، وان كان معهم أصل الايمان الذي يفارقون به الكفار ويخرجون به من النار.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن هنا قيل: إن الفاسق المِلي يجوز أن يقال : هو مؤمن باعتبار، ويجوز أن يقال : ليس مؤمنًا باعتبار . وبهذا تبين أن الرجل قد يكون مسلمًا لا مؤمنًا، ولا منافقًا مطلقًا، بل يكون معه أصل الإيمان دون حقيقته الواجبة.

أما الزيادة والنقصان فتتناول ما في القلب كما تتناول أعمال الجوارح. وراجع في ذلك الفتويين: 131762، 131831.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني