الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اغتسال المرأة التي خرجت متعطرة بعد رجوعها إلى البيت

السؤال

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من فتاوى وجعله الله في موازين حسناتكم..
أود أن أستفسر عن أمر تحدثت عنه إحدى أستاذات الدين وهو أن المرأة إذا خرجت من بيتها أو من أي مكان متعطرة ومرت على رجال فهي تكتب عند الله زانية. هنا لا إشكال فيه عندي لكن الذي استغربت منه قولها:
أن المرأة إذا خرجت وهي متعطرة ومرت من عند الرجال ووجدوا ريحها فيجب عليها فور وصولها للمنزل الاغتسال. هل هذا صحيح؟
أرجو إفادتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد روى النسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا خَرَجَت الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْتَغْتَسِلْ مِن الطِّيبِ كَمَا تَغْتَسِلُ مِن الْجَنَابَةِ.

قال المناوي في فيض القدير: إذا خرجت المرأة أي أرادت الخروج إلى المسجد أو غيره بالأولى فلتغتسل ندبا أي أن الأمر على سبيل الندب لا الوجوب، من الطيب إن كانت متطيبة. اهـ. وقال القاري: ... حتى تغتسل غسلها أي مثل غسلها من الجنابة بأن تعم جميع بدنها بالماء إن كانت طيبت جميع بدنها ليزول عنها الطيب، وأما إذا أصاب موضعا مخصوصا فتغسل ذلك الموضع، وإن طيبت ثيابها تبدل تلك الثياب أو تزيله وهذا إذا أرادت الخروج وإلا فلا، قال ابن الملك وهذا مبالغة في الزجر لأن ذلك يهيج الرغبات ويفتح باب الفتن. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح.

وقد ذهب بعض العلماء إلى أنّ المرأة إذا خرجت من بيتها متعطرة فإنّ عليها أن تغتسل بعد رجوعها لبيتها تشديداً عليها وزجراً لها عن هذا الفعل.

قال السندي: قَوْله فَلْتَغْتَسِلْ مِن الطِّيب. ظَاهِره أَنَّهَا إِذَا أَرَادَت الْخُرُوج إِلَى الْمَسْجِد وَهِيَ قَد اِسْتَعْمَلَت الطِّيب فِي الْبَدَن فَلْتَغْتَسِلْ مِنْهُ وَتُبَالِغ فِيهِ كَمَا تُبَالِغ فِي غَسْل الْجَنَابَة حَتَّى يَزُول عَنْهَا الطِّيب بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ لِتَخْرُج، وَمِثْله قَوْله تَعَالَى: فإِذَا قَرَأْت الْقُرْآن فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ. لَا أَنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ بِطِيبٍ ثُمَّ رَجَعَتْ فَعَلَيْهَا الْغَسْل لِذَلِكَ لَكِنْ رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ ظَاهِرَة فِي الثَّانِي فَقِيلَ أَمَرَهَا بِذَلِكَ تَشْدِيدًا عَلَيْهَا وَتَشْنِيعًا لِفِعْلِهَا وَتَشْبِيهًا لَهُ بِالزِّنَا وَذَلِكَ لِأَنَّهَا هَيَّجَتْ بِالتَّعَطُّرِ شَهَوَات الرِّجَال وَفَتَحَتْ بَاب عُيُونهم الَّتِي بِمَنْزِلَةِ بَرِيد الزِّنَا فَحُكِمَ عَلَيْهَا بِمَا يَحْكُم عَلَى الزَّانِي مِنْ الِاغْتِسَال مِنْ الْجَنَابَة وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم. حاشية السيوطي والسندي على سنن النسائي.

ولا شكّ أنّ الواجب على المرأة اجتناب الطيب إذا أرادت الخروج، كما بيناه في الفتوى رقم: 20618، والفتوى رقم: 58599.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني