الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تلقيب ملك البلاد بجلالة الملك

السؤال

ماهو حكم القول عن ملك البلاد جلالة الملك فلان أو جلالة الملك المعظم؟ وإذا كان ذلك لا يجوز فكيف إذا أردنا أن نتكلم عنه و نذكره فبماذا نلقبه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء سؤال فيه: ذو الجلال والإكرام اسم من أسماء الله الحسنى وهو تعظيم لله عن كل شيء وتنزيه له، وقد قرأت لسماحتكم رسالة مرسلة إلى العاهل السعودي وكنتم قد بدأتموها بقولكم " جلالة الملك " ألستم معي في أن الجلالة لله وحده وأن الملك اسم من أسمائه الحسنى لا يجوز تسمية شخص بها أيا كانت صفته وشخصيته. فنرجو إيضاح ذلك من سماحتكم حتى لا يقع المسلمون في إثم من جراء تنزيه الأشخاص بهذه الصفات التي اختصها الله لنفسه دون غيره اللهم إلا " رؤوف رحيم " صفة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ؟

فجاء في الجواب: إن كثيرا من الأسماء مشتركة بين الله تعالى وبين غيره من مخلوقاته في اللفظ والمعنى الكلي الذهني، فتطلق على الله بمعنى يخصه تعالى ويليق بجلاله سبحانه، وتطلق على المخلوق بمعنى يخصه ويليق به، فيقال مثلا: الله حليم، وإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حليم، وليس حلم إبراهيم كحلم الله، والله رءوف رحيم ، ومحمد صلى الله عليه وسلم رءوف رحيم، وليس رأفة محمد صلى الله عليه وسلم ورحمته كرأفة الله بخلقه ورحمته، والله تعالى جليل كريم ذو الجلال والإكرام على وجه الإطلاق، وكل نبي كريم جليل، وليست جلالة كل نبي وكرمه كجلالة غيره من الأنبياء وكرمه، ولا مثل جلال الله وكرمه، بل لكل من الجلالة والكرم ما يخصه، والله تعالى حي، وكثير من مخلوقاته حي، وليست حياتهم كحياة الله تعالى، والله سبحانه مولى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وجبريل وصالح المؤمنين، وليس ما لجبريل وصالح المؤمنين من ذلك مثل ما لله من الولاية والنصر لرسوله صلى الله عليه وسلم ... إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة المذكورة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، ولا يلزم من ذلك تشبيه المخلوق بالخالق في الاسم أو الصفة وأسلوب الكلام، وما احتف به من القرائن يدل على الفرق بين ما لله من الكمال في أسمائه وصفاته وما للمخلوقات مما يخصهم من ذلك على وجه محدود يليق بهم. واقرأ ذلك في القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم مع التدبر وإمعان النظر يتضح لك الأمر ويذهب عنك الإشكال بحول الله وقوته، ثم ارجع إلى ما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أول رسالة (التدمرية)، فإنه وفى المقام حقه. اهـ.

وسئل الشيخ ابن عثيمين عن ألفاظ: جلالة، وصاحب الجلالة، وصاحب السمو؟ فأجاب بقوله: لا بأس بها إذا كانت المقولة فيه أهلا لذلك، ولم يخش منه الترفع والإعجاب بالنفس. اهـ.

وقال الدكتور محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم في معرض جواب على نحو سؤال السائل: لا شك أن الاقتصاد في المدح والوصف للمخلوقين هو الأوفق والأليق، وعبارات التفخيم والتعظيم حادثة على قاموس الأمة المسلمة، مستجلبة من أعاجم الفرس والروم في تعظيمهم لملوكهم، وبالنسبة للسؤال فإن كان لهذا المخلوق الموصوف جلالة تناسبه فلا يظهر بأس في وصفه بجلالة الملك، أو صاحب الجلالة الملكية، ويكون مقيداً، أما الإطلاق هكذا: صاحب الجلالة وصاحب العظمة، فهذه جلالة وعظمة مطلقة لا يستحقها المخلوق أياً كان، والشريعة تحمي جناب التوحيد، وتسد الذرائع المفضية إلى تعظيم المخلوق المفضي إلى الشرك. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني