الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شبهة حول وجود أحاديث ضعيفة وموضوعة في كتب السنة

السؤال

بعض المسيحيين يقول إذا كان ربكم يقول على القرآن: وإنا له لحافظون. فماذا ستقولون على سنة نبيكم التي هي محرفة، والتي بها أحاديث ضعيفة وأحاديث موضوعة. فكيف الرد على مثل هؤلاء فأنا لا أعرف الرد عليهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه الشبهة نفسها تحمل جوابها، لأنها تعني أن المسلمين لا يقبلون كل ما ينسب أو يسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بل منها ما يصح فيقبل، ومنها ما لا يصح فيُردّ. وقد وضع علماء الحديث لقبول الروايات شروطا وضوابط في غاية الإتقان، وبذلوا في ذلك من الجهد ما يشهد لحفظ الله تعالى لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، بل ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الله قد حفظ السنة كما حفظ القرآن، كما سبق التنبيه عليه في الفتويين: 28205، 19694.

وهذا العلم الشريف بنقد الروايات وتمحيصها تفرد به المسلمون، فلا يوجد عند أمة من الأمم غيرهم، لذلك قال المستشرق المجري مارجيليوس: ليفتخر المسلمون ما شاءوا بعلم حديثهم. اهـ.

وهذه المسألة لم تكن محل إشكال لولا جهل بعض المسلمين بعلوم الحديث وما بذله أهله من جهود منقطعة النظير لأجل حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

ولذلك قال الشيخ المعلمي في الأنوار الكاشفة: حق على من يبتلى بسماع شبهات دعاة النصرانية والإلحاد أن يقرأ ذاك الكتاب (إظهار الحق) ليتضح له غاية الوضوح أن الفساد لم يزل يعتري كتب أهل الكتاب جملة وتفصيلا، ومحققوهم حيارى ليس بيدهم إلا التظني والتمني والتحسر والتأسف، ومن ثم يتبين السر الحقيقي لمحاولتهم الطعن في الأحاديث النبوية، لأن دهاتهم حاولوا الطعن في القرآن فتبين لهم أنه ما إلى ذلكم من سبيل، فأقبلوا على النظر في الأحاديث فوجدوا أنه قد روي في جملة ما روي كثير من الموضوعات، وحيرهم المجهود العظيم الذي قام به علماء الأمة لاستخلاص الصحيح ونفي الواهي والساقط والموضوع، حتى قال بعضهم: ليفتخر المسلمون بعلم حديثهم ما شاءوا. ولكنهم اغتنموا انصراف المسلمين عن علم الحديث وجهل السواد الأعظم منهم بحقيقته فراحوا يشككون ويتهجمون. اهـ.

وهذا الكتاب الذي أحال عليه الشيخ (إظهار الحق) للشيخ رحمت الله بن خليل الرحمن الهندي. من أجل الكتب التي يمكن الاعتماد عليها في محاورة النصارى.

وأما جهود المحدثين في حفظ السنة فلا يسعنا بيانها في هذا المقام، ولكن ننقل طرفا من خاتمة بحث الدكتور علي الصياح جهود المحدثين في بيان علل الحديث حيث قال: الحمد لله تكفل بحفظ هذا الدين، وأقام له في كل عصرٍ حَمَلةً ينفون عنه تحريفَ الغالين وانتحالَ المبطلين وتأويلَ الجاهلين، بيّن هذا البحث جانباً من هذا الحفظ، وهو جُهُودُ المحدّثين في حفظ السُّنّة النَّبويّة من خلال بيان علل الأحاديث تعلماً وتعليماً وتصنيفاً. وإنَّ مِنْ أبرزِ ما يذكر من نتائج البحث أنَّ المحدثين بذلوا جهداً علمياً ضخماً ومستمراً على اختلاف الأزمنة والأمكنة لخدمة هذا الجانب من سُّنّة رسول الله، وهذا الجهد يُعدُّ مفخرة لعلماءِ المسلمين المعظمين لسنة رسول الله، وصورة مشرقة في الذب عن سنته صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه.. اهـ.

فإذا أراد السائل الوقوف على حقيقة ذلك فليرجع إلى أصل الكتاب.

وهناك رسالتان مختصرتان في هذا الموضوع، الأولى للدكتور صالح الرفاعي بعنوان: عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل وأثر ذلك في حفظ السنة النبوية. والثانية للدكتور عبد الكريم عكيوي بعنوان: جهود علماء المسلمين في تمييز صحيح السيرة النبوية من ضعيفها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني