الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يقع طلاق الكناية إلا بمصاحبة النية عند النطق به

السؤال

احترت كثيرا عند مطالعاتي لأحكام الطلاق في الإسلام، وتشتت ذهني ولكن عملا بالقاعدة الشرعية: دواء العي السؤال. أريد أن أسال: ما هو وصف النية المصاحبة لطلاق الكناية لأن هذا النوع تتداخل معه الوساوس هل قصدت بهذه اللفظة الطلاق أم لا ؟ نريد تعبيرا مبسطا للنية المصاحبة لهذا النوع من الطلاق، علما بأنني أعرف أن النية هي القصد إلى الشيء والعزم على فعله، وهي عقد القلب على عمل شيء جازما، هل النية هنا معناها أنها قاطعة لا رجعة فيها في توقيت هذا الطلاق. وما هو توقيت طلاق الكناية هل قبل اللفظ واُثناءه فقط ؟ أعلم أن سؤالي مشتت ولكن سامحوني أريد أن أفهم ديني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبه أوَّلاً إلى أن قولك [دواء العي السؤال ] حديث شريف رواه أبو داود وغيره بلفظ :فإنما شفاء العي السؤال. وحسنه الشيخ الألباني .

أما مسألة النية المصاحبة لكناية الطلاق فتوضيحها أن ينطق الزوج بعبارة تدل على الفرقة مثل قوله لزوجته: (الحقي بأهلك) ناويا إزالة العصمة، لا إن سبق لسانه للفظ، ولا بد أن تكون هذه النية مقارنة للفظ الطلاق، فلا يصح أن تتقدم عليه، فإن كانت مقترنة بجميع اللفظ فالطلاق نافذ بلا شك، ولو اقترنت بأوله فقط دون آخره وقع الطلاق أيضا عند الحنابلة وعلى القول الصحيح عند الشافعية.

قال المرداوي الحنبلي فى الإنصاف: قال في تجريد العناية: ومن شرطها مقارنة أول اللفظ في الأصح. وجزم به الآدمي البغدادي في منتخبه. وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم. انتهى.

وقال ابن قدامة الحنبلي فى المغني: وإذا ثبت اعتبار النية فإنها تعتبر مقارنة للفظ فإن وجدت في ابتدائه وعريت عنه في سائره وقع الطلاق وقال بعض أصحاب الشافعي : لا يقع. انتهى.

وفى أسني المطالب لزكريا الأنصارى الشافعي: يشترط في الكناية نية ) بالإجماع ( مقارنة ) للفظ . ( ولو ) كانت مقارنة ( لبعض اللفظ ) كفى، والاكتفاء بالبعض ولو بآخره صحيحه في الروضة لأن اليمين إنما تعتبر بتمامها، ولأنها إذا وجدت في أوله عرف قصده منه فالتحق بالصريح، وهذا ما صححه الجرجاني والبغوي في تعليقه وغيرهما، وقال ابن الرفعة أنه الذي يقتضيه نص الأم، قال في المهمات وبه الفتوى كما أشعر به كلام الشرحين.

وقال الماوردي بعد تصحيحه له أنه أشبه بمذهب الشافعي، وصوبه الزركشي وصحح في أصل المنهاج اشتراط مقارنتها لجميع اللفظ وجرى عليه البلقيني واللفظ الذي يعتبر قرن النية به هو لفظ الكناية. انتهى منه بتصرف.

وإذا تلفظ بطلاق الكناية من غير نية ثم أتبعه بالنية بعد ذلك فلا يقع طلاق.

قال ابن قدامة أيضا: فأما إن تلفظ بالكناية غير ناو ثم نوى بها بعد ذلك لم يقع بها الطلاق.

وفى أسني المطالب أيضا: ونقل في تنقيحه عن ابن الصلاح من غير مخالفة أنه يشترط مقارنتها لأول اللفظ فلا يكفي وجودها بعده إذ انعطافها على ما مضى بعيد بخلاف استصحاب ما وجد. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني