الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

باع المحصول لسداد دينه فهل تلزمه زكاته؟

السؤال

محصول الزيتون لدينا بلغ النصاب في الزكاة، ووالدي اعتمد على ما باعه من المحصول في تسديد الديون.سؤالي هو كيف نؤدي الزكاة في هذه الحالة؟أفيدونا أثابكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف العلماء هل يمنع الدين وجوب الزكاة أو لا؟ على أقوال، وراجع لمعرفتها الفتويين: 119873، 124533.

ثم إن العلماء القائلين بأن الدين يخصم من الزكاة اختلفوا هل ذلك خاص بالأموال الباطنة التي هي الأثمان وعروض التجارة أو يشمل الأموال الظاهرة التي هي السائمة والحبوب والثمار.

وقد فصل ابن قدامة القولين وحجة كل منهما فقال كما في المغني: ولا يمنع وجوب الدين الزكاة في الأموال الظاهرة وهي المواشي والحبوب، قاله في رواية الأثرم قال: لأن المصدق لو جاء فوجد إبلا وغنما لم يسأل صاحبها أي شيء عليك من الدين ولكنه يزكيها والمال ليس كذلك، وذلك لأن وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة آكد لظهورها وتعلق قلوب الفقراء بها لرؤيتهم إياها، ولأن الحاجة الى حفطها أشد ولأن الساعي يتولى أخذ الزكاة منها ولا يسأل عن دين صاحبها، والرواية الثانية: لا تجب الزكاة فيها ويمنع الدين وجوب الزكاة في الأموال كلها من الظاهرة والباطنة، قال ابن أبي موسى: الصحيح من مذهبه أن الدين يمنع وجوب الزكاة على كل حال وهو مذهب أبي حنيفة وروي ذلك عن ابن عباس ومكحول والثوري، وحكى ذلك ابن المنذر عنهم في الزرع اذا استدان عليه صاحبه، لأنه أحد نوعي الزكاة فيمنع الدين وجوبها كالنوع الآخر، ولأن المدين محتاج والصدقة إنما تجب على الأغنياء لقوله عليه السلام: أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائهم فأردها في فقرائهم. وقوله عليه السلام: لا صدقة إلا عن ظهر غنى. وروى أبو عبيد في كتاب الأموال عن السائب بن يزيد قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم، ومن لم يكن عنده زكاة لم يطلب منه حتى يأتي تطوعا. انتهى.

فعلى القول بأن الدين يسقط الزكاة في الأموال الباطنة والظاهرة، فلا زكاة على أبيك في هذا المحصول الذي باعه لوفاء دينه، وهذا القول له قوة، وإن كان القول الثاني أحوط وأبرأ للذمة وهو قول كثير من العلماء كالشافعي رحمه الله، وعلى هذا القول الثاني فالواجب عليكم أن تشتروا من الزيتون أو الزيت مقدار ما وجب عليكم من الزكاة وهو عشر الخارج إن كان الزيتون يسقى بلا كلفة أو نصف عشره إن كان يسقى بكلفة، ثم تتصدقوا بهذا القدر على مستحقيه من الفقراء، وفي جواز تصدقكم بقيمة هذا الثمر من المال خلاف بين أهل العلم؛ فأجازه أبو حنيفة ومنعه الجمهور، وقول الجمهور أقوى وأولى أن يعمل به.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني