الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة البالغة تتحقق بتعدد الزوجات...لا بتعدد الأزواج!!!

السؤال

قرأت دفاعكم عن تعدد الزوجات حيث قلتم: إنه جيد، وإلا ستبقى بعض النساء بدون أزواج، إذا كان الرجال أكثر من النساء، فهل تعني بأن النساء يجوز لهن تعدد الأزواج؟ أظن أنك لا تقولون به؟ كثير من اقتباساتكم تدل على أن الحاجة الأساسية هي الرغبة الجنسية فقط، فأين الطهارة التي يريد الله منا؟ ولأن في البداية الله سبحانه وتعالى خلق آدم وحواء، رجل واحد وامرأة واحدة، فإذن هذا هو الذي يريد منا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الإسلام شرع النكاح، وحرم السفاح لحكم عظيمة ومقاصد مهمة، غابت هذه الحكم عن بعض خلق الله، فتدنت أخلاقهم، وفسدت فطرهم، وفعلوا فعل البهائم فعاقبهم الله بانتشار وظهور الأمراض التي لم يكونوا يعرفونها، وهذا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا. رواه الحاكم وابن ماجه من حديث ابن عمر.

وإن من مقاصد النكاح وحرمة السفاح حفظ الأنساب، وما يترتب على ذلك من أحكام شرعية، كالأبوة والبنوة والميراث والمحرمية والنفقات والحقوق الاجتماعية وتربية الأولاد، إلى غير ذلك من الحقوق، ومن المعلوم أنه إن اختلطت الأنساب تهدم بناء الأسرة، وتعطلت الحقوق المذكورة سالفاً، وهذا ما حدث عند كثير من غير المسلمين، فالأب لا يطيق أن يبقى معه ولده يربيه ويرعاه وينفق عليه لعدم ثقته بأنه منه، وهذه المقاصد العظيمة للنكاح تتحقق مع تعدد الزوجات بنسبة أكبر مما لو اقتصر الرجل على زوجة واحدة، وذلك لسبب بسيط وهو: أن الرجال أكثر تعرضاً للموت بالحروب والكوارث وغيرها، وأن الإحصائيات الموجودة الآن تقول: إن أعداد النساء في ازدياد مضطرد، وازدياد الرجال في تناقص مضطرد، وليس أمام المصلح الفاحص بنظر الصواب إلا شيء واحد من خيارين:

الأول: أن يقتصر كل رجل في الزواج على امرأة واحدة، ويبقى الكم الهائل من النساء لا يجدن إلى الزواج الشرعي سبيلاً. وأمام مغريات الشهوة الجامحة، وقلة الوازع الديني والأخلاقي سيقعن بين براثين ذئاب الشهوات، وسماسرة الرذيلة، وبغاة الفجور، يتخبطن في هذا المستنقع الآسن.

الخيار الثاني: أن يسمح بالتعدد الشرعي بضوابطه المعروفة والضامنة لكلٍ حقوقه، فينضم الفائض من النساء إلى عشوش الزوجية وكنفها.

أما تعدد الرجال على المرأة الواحدة، والذي ينادي به دعاة تحرير المرأة فهو الفساد بعينه، وهو الشر المستطير والانحلال التام، والميول الجامح عن الفطرة السوية، وفعل ذلك كفيل بهدم كيان المجتمع، وتقطيع أواصره، وضياع الحقوق فيه، ويخرج المولود إلى دنيا لا يجد له فيها أباً يرعاه وينفق عليه، والبشرية في جاهليتها وانحطاطها قبل ورود نور الوحي إليها لم تصل إلى ما وصل إليه دعاة تحرير المرأة، حيث أخرجوها من حيائها وبيتها، وعملوا على تدمير خلقها، وجعلها تلهث في وسط مجتمع الذئاب المفترسة بحثاً عن لقمة عيشها، بعد أن كانت مصونة في بيتها يسترها حياؤها، ويكفيها الرجل أبا أو زوجاً أو ابناً أو أخاً متاعب الحياة، وهي متفرغة لبناء بيتها، وتربية أولادها. ويا للأسف... وجدت هذه الدعوة، أذهاناً خالية من الحق، فتشربت بها، وأخذت تنعق بما لا تفهم.
فحسنا الله ونعم الوكيل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني