الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سرقوا حاسبا ورموه في البحر فهل يجزئهم رد قيمته

السؤال

سرقت أنا و3من أصحابي جهاز كمبيوتر من بيت زميل لنا وألقينا به في البحر وحلفنا على المصحف أننا لم نسرقه، وأريد أنا و2 من أصحابي رد الحق بدون أن يعرفنا، لئلا نفتضح بين أهل البلدة، وصاحبنا الآخر يرفض ذلك، فهل يجوز رد مال كقيمة للمسروق، لأن الشيء قد أتلف ولم يعد موجودا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسرقة من أعظم المنكرات، ومن كبائر الذنوب، ومن هنا، فقد رتب الله تعالى عليها في الدنيا عقوبة عظيمة في قوله سبحانه: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38}.

لكن من استتر بستر الله عليه ولم يفضح نفسه بالكشف عما ألم به، فذلك هو الأولى، لقوله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله تعالى فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله .

رواه الحاكم من حديث ابن عمر، ورواه مالك في الموطإ مرسلاً عن زيد بن أسلم.

ثم إن الحلف على كتاب الله كذبا من الذنوب العظيمة، فهي ظلمات بعضها فوق بعض، فتوبوا إلى الله توبة نصوحا واستغفروه مما كان منكم من سرقة وحلف على كتابه كذبا وأكثروا من الأعمال الصالحة واعقدوا العزم أن لا تعودوا إلى مثل ذلك الفعل، ومن تاب تاب الله عليه.

لكن لا بد في التوبة هنا من رد الحق إلى صاحبه والتحلل منه، والقاعدة الشرعية فيما اعتدي عليه وأتلف من حق الغير ـ بغصب أوسرقة ونحوها ـ أن المثلي يضمن بمثله والمتقوم يضمن بقيمته، جاء في الموسوعة الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في وجوب رد المسروق إن كان قائما إلى من سرق منه ـ سواء كان السارق موسرا أو معسرا، وسواء أقيم عليه الحد أو لم يقم، وسواء وجد المسروق عنده أو عند غيره ـ لما روي من أن الرسول صلى الله عليه وسلم: رد على صفوان رداءه وقطع سارقه.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي.

وبناء عليه، فإن كان الجهاز المذكور مستعملا، فهو من المقومات وتضمن قيمته لصاحبه يوم قبضه والاعتداء عليه، ولذا يمكنكم إرجاع قيمة الجهاز إليه مباشرة أو بحيلة ـ إذا كان في ردها مباشرة خوف أذى أوخشية ضرر ونحوه ـ والمقصود هو إيصال الحق إلى صاحبه بأي وسيلة ممكنة لا ضرر فيها وبحيث يتمكن صاحب الحق من أخذه.

وعليكم دفع قيمة الجهاز كاملة ولو رفض أحدكم ذلك فادفعوا عنه ثم إن شئتم رجعتم عليه بما دفعتم عنه.

وللمزيد انظر الفتاوى التالية أرقامها: 32589، 98718، 127315، 74572، 123276.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني