الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشجرة التي سقيت بماء مغصوب هل يحل للوارث الانتفاع بها

السؤال

ما حكم من ورث شجرة قد سقيت بماء مسروق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يستبن لنا مراد السائل على وجهه، وعلى أية حال فصحة ملك المورث للأرض التي زرعت فيها هذه الشجرة، وصحة ملك البذرة نفسها، تقضي بصحة ملك الشجر وإن نمت بماء مسروق، وغاية ما يمكن أن يقال هو ضمان قيمة هذا الماء المسروق لصاحبه، أو التحلل منه، ولذلك نص أهل العلم على أن غلة الزرع الذي سقي بماء مغصوب تكون لصاحب الزرع، مع ضمان الماء.

قال ابن حجر الهيتمي في (تحفة المحتاج): لو سقى زرعه بماء مغصوب ضمن الماء ببدله، والغلة له؛ لأنه المالك للبذر، فإن غرم البدل وتحلل من صاحب الماء كانت الغلة أطيب له مما لو غرم البدل فقط. اهـ.

ولم يزد الشرواني في حاشيته عليه شيئا، وكذا قال الرملي في (نهاية المحتاج) والشبراملسي في حاشيته عليه. والخطيب الشربيني في (الإقناع).

وقال البجيرمي في حاشيته عليه: انظر ما معنى الأطيبية, فإن الحل يحصل برد البدل إليه.

وقد يقال: للتحلل فائدة وهي أنه لا يبقى في النفس شيء فلا يزول إلا بالتحلل. اهـ.

وكذلك نصوا على أن الواجب في زكاة هذه الغلة نصف العشر لا العشر؛ لكون الماء مضمونا.

قال النووي في (المجموع): قال الرافعي: قال ابن كج: ولو اشترى ماء وسقى به وجب نصف العشر. قال: وكذا لو سقاه بماء مغصوب؛ لأن عليه ضمانه. قال الرافعي: وهذا حسن جار على كل مأخذ. اهـ.

وقال ابن حجر الهيتمي في فتاويه: حيث لم يملك محل النبع لم يصح شراء الماء الذي لا ملك عليه، فإن اشتراه وزرع عليه لزمه العشر، ورجع على البائع بما أخذه منه من ثمن الماء لأنه مباح، بخلاف من زرع بماء مغصوب أو مملوك اشتراه فاسدا فإنه يلزمه نصف العشر، كما قاله ابن كج؛ لأنه يضمن الماء فيهما. اهـ.

والمقصود أن ملك الشجرة مستقر، ولا أثر لغصب الماء الذي سقيت به على استقراره، وبالتالي فإن هذا الملك ينتقل من المورث إلى الوارث. وأما قيمة الماء المغصوب فهي من جملة الحقوق الواجب إخراجها من تركة الميت قبل قسمتها على الورثة كالدَّين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني