الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقصير الأب في تربية أبنائه أمر منكر

السؤال

رجل داعية يدعو إلى الله و إلى الإسلام في بلاد العالم، متزوج من ثلاثة، على خلق كريم، قادر على العدل بين زوجاته، لكنه في الحقيقة غير قادر على تربية أولاده، لأنه فاتح 3 بيوت، وله في كل بيت طفل أو أطفال، يعني يزور كل بيت مرتين في الأسبوع فقط، فهو لا يربي ويترك كل مسئولية التربية على الأم، وهو فقط متكفل بكل المصاريف، ويقول : الأب يربي بالإنفاق والأم تربي بالإشفاق.
الآن بعض الناس ترى بعض أبنائه ويقولون انظروا إلى أصحاب اللحى هؤلاء أبناؤهم انظروا إلى الملتزمين الشيوخ كيف يتركون أبناءهم بهذا المستوى من قلة الأدب.
الآن ابنه الأكبر يدخن، وأبناؤه الأطفال من زوجته الثانية غير متزنين نفسياً. الطفل دون الخمس سنوات تعرض لحادثة اغتصاب دمرته نفسيا، والطفلة ذات السبع سنوات تقول كلاما أخجل أنا من قوله أو سماعه، مثل سأتزوج فلانا وأنام معه وأقبله .... الخ .
الأم كذا مرة تستعين بهذا الأب ليشاركها مسئولية التربية وهو لا يجد وقتا ولا صحة لذلك. ومازال ينجب المزيد من الأبناء، بل ويريد الزواج من رابعة. نعم هو قادر على التعدد من حيث العدل بين الزوجات، لكنه غير قادر على التربية, فهل سيباهي الرسول صلى الله عليه وسلم الأمم بكثرتنا العددية ولو على حساب التربية والخلق ؟ هل يحل له شرعا أن ينجب المزيد ويتزوج المزيد ؟!
علما أنا لست إحدى زوجاته، و لكني صديقة لإحدى زوجاته، وليست هي صاحبة السؤال.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن ما يفعله هذا الرجل من تضييع أولاده وعدم الاهتمام بأمورهم ومصالحهم وتربيتهم أمر منكر ومعصية ظاهرة وتضييع لوصية الله سبحانه الذي قال: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ {النساء:11}.

قال السعدي رحمه الله: أي: أولادكم ـ يا معشر الوالدين عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلموهم وتؤدبوهم وتكفوهم عن المفاسد، وتأمروهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6}، فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما إن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. انتهى.

وحصر مسؤولية الأب في الإنفاق فقط كلام خاطئ، فإن التربية مسؤولية مشتركة بين الزوجين كما بيناه في الفتوى رقم: 99047.

فعلى هذا الزوج أن يتقى الله ربه، وأن يعلم أن اشتغاله بتربية أولاده ودعوتهم إلى الله وإلزامهم أخلاق الإسلام أولى بدعوة غيرهم من عموم المسلمين؛ لأن هؤلاء الأولاد من رعيته التي استرعاه الله عليها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعيه يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم.

أما عن جواز إنجاب المزيد وتزوج المزيد فهذا لا حرج فيه، ولكن يلزمه لزوما متحتما أن يؤدي حقوق زوجاته وحقوق أولاده المادية والتربوية وغيرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني