الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم النجاسات التي تصيب الأرض ثم تجف بلا تطهير

السؤال

أنا لدي مشكلة، أنه لدي طفل قد قاء على الأرض (استفرغ ) أكرمكم الله، والأرضية موكيت، ومرات كنت أمسحه، وأحيانا كنت أتكاسل، ويوجد كذلك على الأرض نجاسات أخرى، ويوجد في الغرفه كنب، وأحيانا أستلقي على الأرض وأنا ملابسي مبللة أو قدمي مبللة ثم أجلس على الكنب. فهل تنتقل لي النجاسه لأني قرأت في المذهب المالكي أنه لا تنتقل إذا زالت عين النجاسة فما معنى عين النجاسة، مع العلم أني الآن لم أعد أميز أماكن النجاسة، وقد زال أثرها بدون مسح أو غسيل، ولقد أصبت بالوسوسة، وأصبحت أغتسل قبل كل صلاة. أرجوكم أجيبوني على سؤالي. ما معنى كلمة عين النجاسة؟ وجزاكم الله خيرا، وأرجوكم لا تحيلوني على أسئلة سابقة، فلقد قرأت جميع الفتاوى السابقة دون جدوى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما عن معنى عين النجاسة، فهي كل عين لها جرم أو وصف ظاهر كلون أو طعم أو ريح من الأعيان التي حكم الشرع بنجاستها، كالميتة والدم والعذرة ونحو ذلك، ويعرف بقاء عين النجاسة ببقاء أوصافها كاللون، ومن النجاسات ما يزول وصفه ويبقى حكمه كالبول، فلا بد من تطهير العين المتنجسة بالبول ونحوه إذا تحقق وجوده وإن لم تدرك عينه لتحقق بقاء حكمه، قال صاحب البهجة من المالكية: ونجس، بفتح الجيم أي عين النجاسة كالميتة وجلدها. انتهى.

وقد سهل فقهاء المالكية في هذا الباب فحكموا بأن النجاسة لا تنتقل إذا زالت عينها ولو بالجفاف ولم يبق إلا حكمها لأن الحكم لا ينتقل، فلو لاقى النجاسة مبتل لم يتنجس بذلك، قال الدردير في شرحه الصغير: وقول زال عين النجاسة بغير مطلق لم ينجس ملاقي محلها: إذا زالت عين النجاسة بغير الماء مطلق بأن زالت بماء مضاف أو ماء ورد ونحوه، ثم لاقى محل النجاسة وهو مبلول محلاً طاهراً من ثوب أو بدن أو غيرهما، أو جف محل النجاسة ولاقى محلاً مبلولاً، لم ينجس ملاقي محل النجاسة في الصورتين، لأنه لم يبق إلا الحكم والحكم لا ينتقل. انتهى.

وإن كان المشهور عند فقهاء المالكية أن جفاف البول مما أصابه من ثوب أو غيره ليس من زوال النجاسة، لكن بعضهم سهل في هذا أيضاً وعمم الحكم في جفاف سائر النجاسات، وقد ذكرنا طرفاً من كلامهم في هذا وذلك في الفتوى رقم: 45775.. وهذا المذهب وإن كان خلاف مذهب الجمهور لكننا لا نرى حرجاً من الأخذ به وبخاصة لمن ابتلي بالوسوسة.

وعلى هذا القول الذي هو أرفق بك فإن النجاسة لا يحكم بانتقالها إليك، وأما اغتسالك قبل كل صلاة فهو مما لم يكلفك الله به ولا شرعه لك، بل الواجب عليك على فرض انتقال النجاسة أن تغسلي الموضع الذي تتيقنين أنه قد أصابته النجاسة، وما لم تتيقني أن النجاسة قد وصلت إليه فإن الأصل بقاؤه على طهارته، والأولى لك مع كل هذا أن تجتهدي في تطهير النجاسات ما أمكن؛ لئلا توقعي نفسك في هذا الوسواس والحرج، ولا يفوتنا أن ننبهك على خطر الوسوسة وعظيم ضررها، فإياك والاسترسال معها سواء في باب النجاسات أو في غيره من الأبواب، فإن الاسترسال مع الوساوس من أكبر أسباب فساد الدين والدنيا، بل الواجب على المبتلى بالوسوسة أن يعرض عن الوساوس فلا يلتفت إليها كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 51601.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني