الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غاب زوجها فتزوجت وأنجبت فهل ترثه ولمن ينسب الأولاد

السؤال

تزوج رجل من امرأة، ثم بعد فترة غاب عنها لسفر، ثم تزوجت المرأة برجل آخر من غير طلاق، ثم أنجبت منه أولادا أي من الزوج الثاني ثم مات.
سؤالي: هل ترثه؟ وإلى من ينسب الأولاد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان زوج هذه المرأة قد غاب عنها وانقطع خبره بحيث لا يعلم أحي هو أم ميت، ثم مضى على انقطاع خبره أربع سنين واعتدت المرأة للوفاة بعدها، ثم تزوجت الثاني، فالزواج صحيح والتوارث بينهما ثابت، والأولاد ينسبون إليه. قال ابن تيمية: والصواب في امرأة المفقود مذهب عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة وهو أنها تتربص أربع سنين، ثم تعتد للوفاة، ويجوز لها أن تتزوج بعد ذلك، وهي زوجة الثاني ظاهراً وباطنا، ثم إذا قدم زوجها الأول بعد تزوجها خُيّر بين امرأته وبين مهرها، ولا فرق بين ما قبل الدخول وبعده، وهو ظاهر مذهب أحمد، وعلى الأصح لا يعتبر الحاكم، فلو مضت المدة والعدة تزوجت بلا حكم. وانظر الفتوى رقم : 2671.

أمّا إذا كانت قد تزوجت قبل مضي الأربع سنوات والعدة، أو كان زوجها قد غاب ولم ينقطع خبره، بل كانت حياته معلومة، ثم تزوجت من غير أن يطلقها الأول أو يحكم لها القاضي المسلم بالطلاق أو الفسخ ، فقد ارتكبت منكراً عظيماً، وزواجها من هذا الرجل باطل ومعاشرته لها زنا، و لا توارث بينهما بالزوجية.

قال ابن قدامة: وإذا تزوجت امرأة المفقود في وقت ليس لها أن تتزوج فيه مثل أن تتزوج قبل مضي المدة التي يباح لها التزويج بعدها أو كانت غيبة زوجها ظاهرها السلامة أو ما أشبه هذا فنكاحها باطل.

أمّا نسب الأولاد في هذه الحال ، فإن كانا قد تزوجا وهما يعلمان تحريم هذا الزواج فالأولاد لا ينسبون إلى هذا الرجل ، قال ابن قدامة : وإذا تزوج معتدة وهما عالمان بالعدة وتحريم النكاح فيها ووطئها فهما زانيان عليهما حد الزنا ولا مهر لها ولا يلحقه النسب .... وإنما كان كذلك لأن هذا نكاح متفق على بطلانه فأشبه نكاح ذوات محارمه.

وإنما ينسبون للزوج الأول في الظاهر. قال ابن قدامة: حتى لو أن امرأة أتت بولد وزوجها غائب عنها منذ عشرين سنة لحقه ولدها. اهـ إلا أن ينفيهم باللعان فينتفوا عنه ، وانظر الفتوى رقم: 59172.

و أما إذا كانا قد فعلا ذلك معتقدين صحة هذا الزواج، وكانت قد وضعت الحمل بعد مرور أكثر مدة الحمل - منذ غياب الزوج ومرور أقل مدة الحمل –وهي ستة أشهر-منذ دخل بها الثاني فالظاهر –والله أعلم- أنّ الأولاد ينسبون له .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا، مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ مَلَكَهَا مِلْكًا مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ، أَوْ وَطِئَهَا يَعْتَقِدُهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ، أَوْ أَمَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ : فَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْهَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَيَتَوَارَثَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.

وأما إذا كانت قد وضعت قبل مرور أقل مدة الحمل من وطء الثاني وأكثر مدة الحمل من غياب الأول فالولد ينسب للأول.

قال ابن مفلح : إذا تزوجت في العدة وولدت قبل نصف سنة منذ تزوجت وقبل أربع سنين منذ بانت من الأول فهو له.

وأما إذا كانت قد وضعت الحمل قبل مرور أكثر مدة الحمل منذ غياب الزوج وبعد مرور أقل مدة الحمل منذ وطء الثاني ، فحينئذ يحتاج إلى وسيلة لتحديد نسبه.

قال في الشرح الكبير : وإن كان لاكثر من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني ولأقل من أربع سنين من طلاق الاول ولم يعلم انقضاء العدة عرض على القافة وألحق بمن ألحقته به منهما.

أما مسألة القافة ، فكانوا قوما من العرب يعرفون نسب الإنسان بالشبه، وفي العصر الحالي تقوم البصمة الوراثية بدل القافة في تحديد نسب الولد في هذه الحال ، كما أقر ذلك المجمع الفقهي . والأولى الرجوع للمحكمة الشرعية في مثل هذه الأمور .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني