الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النكاح وسيلة لإعفاف النفس وصرفها عن الحرام

السؤال

أنا طالب في جامعة من الجامعات المختلطة المليئة بالفتن، وعندما خفت الفتنة طلبت من أبي أن أتقدّم للخطبة، ولكنه غير موافق على مبدأ الخطبة الآن وأنا ما زلت طالبًا، كما أني أحاول أن أقلّل من الذهاب إلى الجامعة بما لا يضرّ، ولكن ذلك يُغضِب أبي وأمّي، ويطالبونني بالاجتهاد في الكلية.
وأنا في الحقيقة لست بالطالب المجتهد أو المتفوق في الكلية؛ بسبب كرهي للكلية والجامعة، والضغط النفسي الواقع عليّ من الوجود في وسط الفتن، والرغبة في عدم المعصية، والرغبة في إعفاف النفس بالزواج، فكيف أتصرف حيال الكلية والجامعة؟ وكيف أتصرف حيال أبي وأمّي؟ وكيف أقنعهما بتزويجي أو على الأقل أن يخطبا لي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فابتداء: ننبهك على أن الخِطبة لن تحقق لك ما تصبو إليه من الإعفاف؛ لأن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، والمخطوبة أجنبية عن خاطبها حتى يتم عقد الزواج، وقد بينا حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته في الفتوى: 27622.

وعلى ذلك؛ فإنا ننصحك بالمبادرة إلى الزواج؛ فإن الزواج من أعظم أسباب العِفّة والتحصين، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب؛ من استطاع منكم الباءة، فليتزوج؛ فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء. متفق عليه.

فإن كنت غير قادر على الزواج، وكان أبوك قادرًا على أن يزوّجك؛ فإنه يجب عليه ذلك، على الراجح، قال المرداوي في كِتاب: الإنصاف: يَجِب علَى الرجلِ إعفاف من وجبت نفقتهُ عليْهِ من الآبَاءِ والأجداد والأَبْنَاءِ وَأَبْنَائِهِمْ وَغَيْرِهِمْ، ممن تجب عليه نفقتهم. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. انتهى.

ولا يجوز لوالديك أن يمنعاك من الزواج بحجة الدراسة؛ فإن الزواج ليس عائقًا عن التفوّق في الدراسة، بل كثيرًا ما يكون من أسباب التفوّق فيها، إضافة إلى أن أهل العلم قد نصّوا على أن الزواج يكون واجبًا على من يخشى على نفسه الفتنة.

وإذا صار واجبًا شرعًا، لم يجز تركه لاعتراض أحد من الناس، جاء في الشرح الكبير لابن أبي عمر: من يخاف على نفسه مواقعة المحظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه في قول عامة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.

فعليك أن تقنع والديك بهذا بأسلوب ليِّن رفيق.

فإن أصرّا على معارضتك، فعليك أن تتزوج، ولو بغير رضاهما، إن كنت قادرًا على الزواج.

فإن كنت لا تقدر عليه، فعليك بالصوم، كما أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وراجع الكلام حول موقف المسلم من الدراسة في الأماكن المختلطة، وكيف يوفّق بين طاعة الله وطاعة والديه في هذا الأمر، وذلك في الفتاوى: 31277، 5310، 2523.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني