الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواب شبهة حول حديث: الوائدة والموؤودة في النار

السؤال

هناك برنامج في قناة دريم 2 يسمونه المعجزة الكبرى، يقصدون به القرآن، و الغريب أنه يطرح باسم الدين، ويستضيفون فيه زنادقة و كفرة بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، ويزعمون أنه لا دين إلا ما جاء في كتاب الله طبعا هم من القرآنيين، على كل ليس السؤال عنهم، ولكن عن شبهة طرحوها وهي حديث الوائدة والموؤدة في النار قالوا يتعارض مع القرآن. وحديث أبي هريرة أظنه يقول إن الفارة أصلها يهودية ممسوخة أو قال لا أراها إلا مسخت(لا أستحضر الحديث) وطبعا يستهزؤون بهذا، وطبعا أحاديث الدجال لا يعترفون بها أصلا لأن القرآن لم يشر إليه. فلو أمكن رد على هذه الشبهات لأنها باتت محل حديث للناس البسطاء اليوم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنكار السنة النبوية كمصدر للتشريع، أو إنكار ما ثبت منها تواترا سندا ومتنا، كفر أكبر، والعياذ بالله، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 99388، 25570. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 108792.

وأما حديث الوائدة والموؤودة، فقد سبق أن بعض أهل العلم حمله على أن المراد بالوائدة القابلة، والموءودة أم الطفلة، أي بمعنى الموءودة لها وهي الأم، فراجع الفتوى رقم: 95797.

ومن أهل العلم من سلك مسلك الترجيح بين الأدلة، فقد ساق الحافظ ابن عبد البر الآثار في كون أولاد المشركين الذي ماتوا صغارا في الجنة، ثم قال: "وآثار هذا الباب معارضة لحديث "الوائدة والموءودة في النار" وما كان مثله، وإذا تعارضت الآثار وجب سقوط الحكم بها، ورجعنا إلى أن الأصل أنه لا يعذب أحد إلا بذنب؛ لقوله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا {الإسراء 15} وقوله: ألم يأتكم رسل منكم (الزمر:71) وآيات القرآن كثيرة في هذا المعنى" اهـ.

وعلى أية حال فقد اتفق أهل العلم على أن الله لا يظلم مثقال ذرة، وأنه إن عذب أهل سمواته وأهل أرضه لكان غير ظالم لهم، وأنه لا يعذب أحدا إلا بذنب، فهذا لا إشكال ولا خلاف فيه.

وعلى ذلك فلا بد لهذا الحديث من محمل لا يناقض هذا الأصل المتفق عليه، وإلا تعين مسلك الترجيح السابق، ولكن ولله الحمد هذا المسلك متوفر، قال ابن القيم في (أحكام أهل الذمة): أما حديث "الوائدة والموءودة في النار" فليس في الحديث أن الموءودة لم تكن بالغة فلعلها وئدت بعد بلوغها. فإن قلتم: فلفظ الحديث "يا رسول الله، إن أمنا وأدت أختا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث؟" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوائدة والموءودة في النار". فقد قال أبو محمد بن حزم: هذه اللفظة ـ وهي قوله "لم تبلغ الحنث" ـ ليست من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك، ولكنها من كلام سلمة بن يزيد الجعفي وأخيه اللذين سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أخبر صلى الله عليه وسلم أن: "الموءودة في النار" كان ذلك إنكارا وإبطالا لقولهما "لم تبلغ الحنث" وتصحيحا لأنها كانت قد بلغت الحنث بوحي من الله إليه، بخلاف ظنهما، لا يجوز إلا هذا القول؛ لأن كلامه صلى الله عليه وسلم لا يتناقض ولا يتكاذب ولا يخالف كلام ربه، بل كلامه يصدق بعضه بعضا، ويوافق ما أخبر به عن ربه عز وجل ومعاذ الله من غير ذلك اهـ.

وأما حديث مسخ أمة من بني إسرائيل إلى الفأر، فقد سبق إيراده والجواب عنه في الفتوى رقم: 112841. وأما ما يتعلق بالدجال وثبوت خروجه بالسنة دون القرآن، فراجع فيه الفتوى رقم: 26728.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني