الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم المفتي إذا رأى الصواب خلاف المذهب وتحرج من ذكره

السؤال

نحن في قريتنا نتبع المذهب المالكي الذي يقول إن الاستنشاق و الاستنثار ليسا من الفروض على عكس الحنابلة، و لكن يترجح لدي أن ادلة الحنابلة في المسالة وأن الأنف والفم من الوجه فهما من الفروض، فاذا سألني أحد المصلين عن حكمهما أجيبه حسب معتقدي أم حسب مذهب القرية علما وأن السلطات تشترط على الإمام عدم الخروج عن المذهب و انا إمام أحد مساجد القرية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أولا أن المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل مختلف في وجوبهما اختلافا سائغا بين أهل العلم، والراجح عندنا هو مذهب مالك والشافعي من أنهما غير واجبين في الوضوء والغسل، وليسا هما من الوجه على الراجح، لأن الوجه كما عرفه العلماء هو ما تحصل به المواجهة وليس باطن الفم وباطن الأنف مما تحصل به المواجهة، ولمزيد الفائدة حول هذه المسألة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 129640، 128595، 17079، ولكن إذا كان القول بالوجوب هو المترجح لك، فإن كان السائل يسألك عن المذهب فإنك تخبره بما هو المذهب في المسألة، وإن كان يسألك عن مذهبك وما ترجحه أنت فإن الأصل هو أنك تفتيه بما يوافق الدليل من وجهة نظرك، وإن خالف المذهب.

قال ابن القيم رحمه الله: ليحذر المفتي الذي يخاف مقامه بين يدي الله سبحانه أن يفتي السائل بمذهبه الذي يقلده وهو يعلم ان مذهب غيره في تلك المسألة أرجح من مذهبه وأصح دليلا ... وكثيرا ما ترد المسألة نعتقد فيها خلاف المذهب فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده فنحكي المذهب الراجح ونرجحه ونقول هذا هو الصواب وهو أولى أن يؤخذ به. انتهى

ولكن إذا خشيت أن يترتب عليك ضرر إذا أفتيت بخلاف المذهب فلك أن تمتنع عن الفتوى في هذه المسألة أو تحيل على غيرك ممن يوثق بعلمه، أو تقول للسائل مذهب مالك في هذه المسألة كذا وكذا، وأنت في هذا تحيل على مليئ وترشد إلى الأخذ بقول عالم ثقة، ويمكنك أن تذكر للسائل أن في المسألة خلافا والأحوط أن يخرج نفسه من خلاف العلماء.

قال ابن القيم مبينا أن عدم إفتاء المفتي بما يعتقده إذا خاف الضرر مما لا حرج فيه: فإن كان فيها-أي في المسألة- نص أو إجماع فعليه تبليغه بحسب الإمكان فمن سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار، هذا إذا أمن المفتى غائلة الفتوى، فإن لم يأمن غائلتها وخاف من ترتب شر أكثر من الإمساك عنها أمسك عنها ترجيحا لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما، وقد أمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن نقض الكعبة وإعادتها على قواعد إبراهيم لأجل حدثان عهد قريش بالإسلام، وأن ذلك ربما نفرهم عنه بعد الدخول فيه. انتهى.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني