الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قال لزوجته أنت طالق طالق طالق، ثم قال في مجلس آخر أنت طالق طالق طالق

السؤال

ما حكم الطلاق للمرأة الحامل بالشهر الثاني مرتين في مجلسين مختلفين، بحيث في كل مرة قال فيها الزوج أنت طالق طالق طالق، والمرة الثانية نفس القول أنت طالق طالق طالق، وكان الزوج غاضبا جدا جدا، ولكن كان يدرك ما يقول، ولكن داخليا لا ينوي الطلاق. أرجو إفادتي وتوضيح ما يترتب من أحكام على ذلك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان الزوج المذكور يعي ما يقول أثناء غضبه فطلاقه نافذ، ولو كان لا ينويه لأن لفظ الطلاق الصريح لا يحتاج لنية. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 35727. والفتوى رقم: 52232. ثم إننا نوصي الزوج المذكور بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم من استوصاه حيث قال له: لا تغضب. فردد مرارا قال: لا تغضب. أخرجه البخاري وغيره. وبخصوص تكرار الطلاق الصادر منه فتفصيل حكمه كما يلي:

1ـ قوله أوَّلاً : أنت طالق طالق طالق. إن قصد إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط، وجعل ما بعدها تأكيد ا لها، أو لم ينو شيئا لزمته طلقة واحدة، وإن قصد إنشاء الطلاق بالألفاظ الثلاث لزمته ثلاث طلقات عند جمهور أهل العلم، وفي هذه الحال لا تحل له زوجته حتى تنكح زوجا غيره، نكاحا صحيحا - نكاح رغبة لانكاح تحليل- قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق. وقال: أردت التوكيد قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل. وإن قصد الإيقاع، وكرر الطلقات، طلقت ثلاثاً، وإن لم ينو شيئاً، لم يقع إلا واحدة، لأنه لم يأت بينها بحرف يقتضي المغايرة فلا يكن متغايرات. انتهى

2ـ قوله في مجلس آخر: أنت طالق طالق طالق. لا يكون نافذا إن سبقته ثلاث طلقات لكونه لم يصادف محلا، وإن سبقه أقل من ثلاث فينظر في قصده، فإن قصد واحدة فقط أو لم يقصد شيئا لزمته واحدة إضافة إلى ما سبقها، وإن قصد ثلاثا فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره.

وفي حال وقوع طلقتين فقط فلهذا الزوج مراجعة زوجته قبل تمام عدتها، وما تحصل به الرجعة قد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719. هذا الذي قررناه هو مذهب جمهور العلماء.

أما شيخ الاسلام ابن تيمية فقد ذهب إلى أن طلاق الثلاث لا يقع منه إلا واحدة مطلقا، وبالتالي فعلى مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية الواقع من هذا الطلاق هو طلقة واحدة فقط بسبب الطلاق الأول، أما الثاني فلا يعتبر نافذا إن كان قبل تمام العدة من الطلاق الأول، ولم تحصل بينهما رجعة، فإن كان بعد تمام العدة وبعد أن عقد عليها عقدا ثانيا أو بعد الرجعة إن كان أرجعها في العدة لزمته طلقتان، وراجع الأحكام المترتبة على الطلاق في الفتوى رقم: 133894 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني