الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تسكن بيت الزوجية إذا كان دخل في بنائه قرض ريوي

السؤال

أريد فتوى أو نصيحة أو الرأي الصواب لأني محتارة وأتشكك في أني قد يعاقبني الله سبحانه وأموت وأنا أحمل إثما من هذا الموضوع، فأرجو منكم الجواب.
أنا متزوجة من 7 سنوات، كان زوجي يعمل عملا بسيطا قبل الزواج، فاستدان من البنك المهر وللسيارة، وبعد 4 سنوات بحث عن عمل في دولة خليجية أخرى ولله الحمد أصبح راتبه يصل تقريبا في حدود 14000 ريالا سعوديا، وللآن نسكن في بيت أهلي. منذ بداية عمله الثاني اتفقنا على أن نبني بيتنا من المال الحلال الطيب من رواتبا (أنا أعمل وأعيل أهلي) وأننا سنتساعد في البناء، وحلفت له بأنه إذا أخذ من البنك لن أدخل البيت ولن أسكن فيه، وذلك لكي أبعده عن أموال الربا ولنرتاح في الدنيا والآخرة. لكن للأسف بدون علمي أخذ من البنك وبعد أسبوعين تقريبا نزل المال في حسابه، ثم أخبرني فغضبت وأخبرت أهله لكن بدون فائدة. قال لن يرجع المال، ولم يهتم بحلفي ولا بمدى الإثم من الربا. فبنى البيت وخلص المال وزدنا عليه من عندي ومن عنده من أموال حلال من رواتبنا، ثم مرة أخرى أخذ من البنك وأكمل البناء وإلى الآن لم يكتمل البناء (منذ بداية بنائه وإلى الآن وأنا وزوجي في مشاكل لا تنتهي من ضغط البناء وعدم راحتي من أموال الربا) وكنت أدخل البيت لمعرفة مراحل بنائه والاستشارة في تفصيله وغيره، وتصدقت بالإطعام كفارة الحلف. ماذا أفعل غير ذلك؟ مع العلم أننا سننتقل من بيت أهلي بعد بضعة شهور للسكن فيه إن شاء الله، لكن أخاف من عقاب الله وأن يلحقني إثم من سكني في بيت من الربا، وذلك في ما معنى الحديث: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه. وكل من له علاقة فيه أو مستفيد منه. وكذلك أن الله لا يقبل دعاء من في بيته مال حرام، فكيف إذا كان بناء بيتنا من أموال البنوك الربوية، عندنا بنت وقد طولنا السكن في بيت أهلي وأنا لم أشترط عليه بناء معينا ولا غاليا ولا شيئا يكلفه كنت موافقة على غرفة وحمام فقط من المال الحلال، لكنه لم يسمع نصيحتي... ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجزاك الله خيراً على نصحك لزوجك وتحريك للحلال، وقد أخطأ زوجك ووقع في الإثم بما أقدم عليه من الربا، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}، لكن حرمة ذلك إنما تتعلق بذمة صاحبه لا بعين ما اشترى به، وبناء عليه فلا يحرم عليك السكنى في ذلك البيت والانتفاع به، وأما يمينك فتبرئين من إثمها بالكفارة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم.

فالحنث في اليمين لا يستلزم الذنب، بل إن الحنث في بعض الحالات قد يكون هو الأفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: إني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير. متفق عليه.. وما دمت قد كفرت عن يمينك فلا حرج عليك فيها، ولا في سكنى بيت الزوجية والانتفاع به، وإن كان دخل في بنائه مال من قرض ربوي؛ لأن الإثم إنما يتعلق بالذمة لا بعين المال، وعلى زوجك أن يتوب إلى الله عز وجل من ذنب الاقتراض بالربا، ويخلص التوبة بالندم والعزم على عدم العود لمثله.

وللفائدة انظري الفتوى رقم: 103464، والفتوى رقم: 23946.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني