الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التنفل على الراحلة في الحضر

السؤال

حكم صلاة النافلة في السيارة للمقيم لأني رأيت إحدى صديقاتي تكمل نافلتها في السيارة فنهيتها عن ذلك.أجيبونا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فصلاة النافلة على الراحلة وفي معناها السيارة جائزة للمسافر ولو سفرا قصيرا كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم 73097، وأما فعل ذلك في الحضر فمختلف فيه، فذهب الجماهير إلى منعه محتجين بالأحاديث التي قيدت ذلك بالسفر، بل بالغ بعض العلماء فحكى المنع من التنفل على الراحلة في الحضر إجماعا.

قال في حاشية الروض: قال البغوي: يجوز أداء النافلة على الراحلة في السفر الطويل والقصير جميعا، عند أكثر أهل العلم، وهو قول الأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. اهـ .وأجمعوا على أنه لا يجوز للمقيم في بلد، التطوع إلى غير القبلة لا ماشيا ولا راكبا. انتهى.

والخلاف في المسألة ثابت، فروي فعل ذلك عن أنس رضي الله عنه، وقال به الإصطخري من الشافعية وهو مذهب الظاهرية، وحجة هؤلاء الإطلاق الوارد في بعض الأحاديث وعدم تقييد فعل ذلك بالسفر.

جاء في نيل الأوطار في شرح حديث عامر بن ربيعة قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على راحلته يسبح يومئ برأسه قبل أي وجهة توجه ولم يكن يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة. متفق عليه. قال الشوكاني: والحديث يدل على جواز التطوع على الراحلة للمسافر قبل جهة مقصده وهو إجماع كما قال النووي والعراقي والحافظ وغيرهم وإنما الخلاف في جواز ذلك في الحضر، فجوزه أبو يوسف وأبو سعيد الأصطخري من أصحاب الشافعي وأهل الظاهر . قال ابن حزم : وقد روينا عن وكيع عن سفيان عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يصلون على رحالهم ودوابهم حيثما توجهت قال : وهذه حكاية عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم عموما في الحضر والسفر . قال النووي : وهو محكي عن أنس بن مالك. انتهى.

قال العراقي : استدل من ذهب إلى ذلك بعموم الأحاديث التي لم يصرح فيها بذكر السفر وهو ماش على قاعدتهم في أنه لا يحمل المطلق على المقيد بل يعمل بكل منهما فأما من يحمل المطلق على المقيد وهم جمهور العلماء فحمل الروايات المطلقة على المقيدة بالسفر. انتهى.

وإذا تقرر هذا فالأحوط هو العمل بمذهب الجمهور وأن يترك التنفل على الراحلة في الحضر خروجا من الخلاف وعملا بالأحاديث المقيدة فإن الراجح من كلام علماء الأصول هو أن المطلق يحمل على المقيد.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني