الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشتراط الزوج عدم الوطء أو الإنفاق على امرأته لا يصح

السؤال

زوجت رغما عني وأنا في سن 18 من رجل لا أرضاه خلقاً ولا ديناً ورزقت منه بـ 3 أبناء وبنت واحدة، وبعد وفاة أبي طلبت الطلاق بشرط أن أتنازل عن كل شيء أولادي وقبلت، ذقت المرارة من قبل أمي وانتحرت بلا جدوى وما كان لي إلا أن أعود إلى طليقي على أمل أن يتغير ولكن دون جدوى، وطلقت مرة ثانية وبعدها زوجت من رجل آخر هرباً من ظلم أمي وأخواتي ولكن كل همي هم أولادي، طلقت منه كي أعيش مع أولادي وعدت إلى طليقي أبي أولادي شرط علي أعيش مع أولادي دون أن يقترب مني وهو لا ينفق علي وينفق القليل على الأولاد، والآن الأولاد يتطاولون علي عند ما لا أنفق عليهم بسخاء، أنا لا أعلم هل أنا زوجة شرعية بعقد مشروط دون أن يفي بأي شرط. ماذا أفعل أكاد أجن أو أقتله هو أو أمي ويا كرهي لهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد

فنوصيك أولاً بأن تهوني على نفسك، فأمر الدنيا كلها أهون من أن تقتلي نفسك من أجلها بمثل هذا القلق، وننصحك بأن تجتهدي في أن تجعلي همك هما واحداً وهو رضى الله تعالى، ييسر الله لك أمورك كلها ويفرج عنك كربك روى ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: من جعل الهموم هما واحداً هم آخرته كفاه الله هم دنياه ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك.

وعليك بالإكثار من هذا الدعاء روى أحمد وأبو داود عن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، أصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت.

وأما عودتك الأخيرة إلى زوجك الأول فلم تبيني لنا كيف تمت، ولكن إن كانت بعقد شرعي صحيح أي بوجود وليك وشهادة الشهود فهو زواج صحيح، وراجعي شروط الزواج في الفتوى رقم: 1766. وقولك (شرط علي أن أعيش مع أولادي ولا يقترب مني..) إن كنت تقصدين بذلك أنه اشترط عليك في العقد عدم الوطء، وعدم الإنفاق عليك وعلى أولادك فإن هذه الشروط باطلة والعقد صحيح على الراجح من أقوال الفقهاء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 48409، والفتوى رقم: 23284.

وبناء على ذلك يلزمه الوطء ويلزمه أن ينفق عليك، ولا عبرة باشتراط إسقاط ذلك ما لم يحصل تنازل منك بعد العقد عنهما، كما يجب عليه أن ينفق على أولاده بالمعروف كما أوضحنا في الفتوى رقم: 19453، فإذا بخل بالنفقة عليك أو على أولادك فلك رفعه إلى القاضي ليلزمه بذلك، وإن تعذر رفعه إلى القاضي وعثرت له على مال جاز لك أن تأخذي منه ما يكفيك وولدك بالمعروف، ويجوز للزوجة الرجوع بما أنفقت على أولادها إن أنفقت عليهم بنية الرجوع على زوجها في ذلك، ولا تسقط عن زوجها نفقتها بل تبقى ديناً في ذمته، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 76604، والفتوى رقم: 31634.

ولم نفهم ما تعنين بقولك (انتحرت بلا جدوى) فإن كنت تقصدين أنك حاولت الانتحار، فالواجب عليك التوبة، فإن الانتحار جريمة كبيرة وهو لا يحل لصاحبه مشكلة بل ينقله إلى خسارة الدنيا والآخرة، وللفائدة راجعي في ذلك الفتوى رقم: 10397.. وحق الأم عظيم فمهما اخطأت في حقك فلا يجوز لك أن تقابلي ذلك بأي إساءة ولو قلت، قال الله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء:23-24}. وراجعي في عقوق الوالدين الفتوى رقم: 17754.

وكذلك لم نفهم قصدك بقولك (أقتله هو وأمي) فإن كنت تقصدين أنك تفكرين في قتلهما فلا ريب أنك تفكرين فيما تخسرين به دنياك وآخرتك، فأي جرم أعظم من أن تقتلي أمك أو زوجك فاتقي الله تعالى واعلمي أن الله عز وجل ابتلاك ليعلم ثباتك وصبرك فأري الله منك خيراً ولا تقدمي على أمر تتحسرين بفعله أبداً، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 10808.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني