الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البقع اليسيرة التي تمنع وصول الماء إذا شق الاحتراز منها

السؤال

من كان على يده أو أحد أعضاء الوضوء مادة تمنع وصول الماء كالدهان ولكنها كثيرة وصغيرة الحجم، مثل اليد عليها بقع كثيرة صغيرة منتشرة على جميع يده؟ هل تصح صلاته أم يخفف عنه لأن هذه مهنته فقد قال لي أحد الأصدقاء إن مثل هذا يخفف عنه لأنها مهنته كاللحام فيجوز له أن يصلي حتى ولو كان على ثوبه دم كثير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل هو وجوب إزالة كل ما يحول دون وصول الماء إلى البشرة، وسهل بعض العلماء في اليسير من ذلك ورأوا أنه يعفى عنه لمشقة الاحتراز وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. وانظر الفتوى رقم: 124350. فمن كان عمله يستلزم أن تصيبه أمثال هذه الحوائل فعليه أن يجتهد في إزالتها قدر المستطاع، فإن بقي شيء يسير منها تشق إزالته فنرجو أن يكون معفوا عنه لمشقة الاحتراز إن شاء الله.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله: فشيخُ الإسلام يرى أنَّ العِلَّة المشقَّة، فكلَّما شَقَّ اجتناب النَّجَاسة فإنَّه يُعفى عن يسيرها، وكذا يقال في مثل أصحاب «البويات» إنَّه يُعفى عن يسيرها إذا أصابت أبدانهم مما يحول بينها وبين الماء؛ لأنَّ الدِّين يُسر، ومثل هذه المسائل تحصُل غالباً للإنسان، وهو لا يشعر بها أحياناً أو يشعر بها، ولكن يشقُّ عليه التَّحرُّز منها. انتهى.

فإذا اجتهد هذا الشخص في إزالة هذه الحوائل ثم بقي شيء يعجز عن إزالته فإن عليه أن يمسح عليه ويكون حكمه في هذه الحال حكم الجبيرة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 125253. وفيها ذكرنا كلاما نفيسا للشيخ العثيمين في هذه المسألة فلتراجع للأهمية، وأما أن يترك هذا الشخص ما يستطيع إزالته من هذه البقع بزعم أن هذا عمله فهذا لا يجوز البتة، بل هو إن قصر في إزالة ما يقدر على إزالته مما يحول دون وصول الماء إلى البشرة لم تصح صلاته، وأما صلاة من على ثوبه دم كثير فإنها لا تصح عند جماهير العلماء القائلين بنجاسة الدم، وحكي القول بنجاسته إجماعا، فإنه إنما يعفى عن يسيره فقط، فمن كان على ثوبه دم كثير وجب عليه نزع ذلك الثوب أو تطهيره إذا أراد الصلاة إلا أن يعجز عن ذلك فتصح صلاته لأن اجتناب النجاسة شرط مع العلم والقدرة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 111752.

ولعل ما قاله لك أحد الأصدقاء عن اللحام إنما يشير به إلى ما ذهب إليه بعض علماء المالكية من أن المرضعة ومثلها الجزار والكناف يعفى عما يصيب ثيابهم من النجاسات المرتبطة بمجال عملهم مما يصعب الاحتراز منه، لكن بشرط أن يجتهدوا في الاحتراز من النجاسة.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني