الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لماذا لا يجوز الاجتهاد في بعض المسائل كتحريم الخمر والربا؟ وما معنى قطعي الثبوت والدلالة ؟ وإذا قلتم لا يجوز لأن النص صريح ، أقول لكم : لكن بعض الأمور أمر النبي بها كالاختضاب لكن الصحابة حملوها على الاستحباب. فما الفرق إذن ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالاجتهاد إنما يكون عند عدم الدليل الصريح.

قال ابن القيم رحمه الله: فصل : في تحريم الإفتاء والحكم في دين الله بما يخالف النصوص، وسقوط الاجتهاد والتقليد عند ظهور النص وذكر إجماع العلماء على ذلك.

قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا).[الأحزاب:36]. و ذكر جملة من الأدلة: قال عمر بن عبد العزيز :" لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم " . قال الشافعي : "أجمع الناس على أن من استبانت له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس. إعلام الموقعين.

فإذا علمت هذا عرفت المعنى الذي بسببه منع الاجتهاد في الخمر والربا، فقد دل على تحريمهما الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وحرمتهما معلومة من الدين بالضرورة ومنكرها كافر.

ثم عبارة قطعي الثبوت والدلالة يمكنك أن تراجعي في معناها فتوانا رقم: 50153.

وفي خصوص ما ذكرتِه من أمر الاختضاب فإنه لا يتعارض مع ما ذكر؛ إذ الأصل في الأمر من الشارع أنه للوجوب، لكن إن وجدت قرينة تصرفه عن الوجوب حمل على ما دلت عليه القرينة من ندب أو إباحة أو غير ذلك، ومثال ذلك الأمر بالوتر، في قوله صلى الله عليه وسلم: يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر. رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه.

فقد ثبتت القرينة المفيدة لصرفه عن الوجوب حيث دل حديث آخر على أن الصلوات لا يجب منها غير الخمس، وذلك في حديث الرجل الذي جاء يسأل عن الإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع. متفق عليه.

قال الباجي في المنتقى: وهذا نص في أنه لا يجب من الصلوات غير الصلوات الخمس لا وتر ولا غيره.

وقد يكون الأمر للإباحة كما في قول الله تعالى: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا. {المائدة:2}.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني