الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يصح الوضوء عند الانغماس في الماء الراكد

السؤال

إخواني سامحوني واعذروني لأنني أحياناً أكثر الأسئلة حول موضوع معين، فوالله لولا أنني لا أجد الجواب أو أخشى أن أقول على الله بغير علم، وبما أنني بينت لكم أنني أدرس الشريعة ومنطقتنا فيها الكثير من الشباب وقليل من طلبة العلم وعادة ما يسألونني لما أتعبتكم، فأرجو أن تسحموا لي بالإكثار.
وسؤالي حول موضوع الغسل: فقد قلت لكم أنني أخذت بالمذهب الحنبلي في مسألة المضمضة والاستنشاق في الغسل وأنه واجب، ولا يصح الغسل بدونه، ثم عدت وسألتكم عمن يغتسل الغسل المسنون أو غسل النظافة والتبرد ماذا عليه أن يفعل حتى يخرح ومعه الوضوء؟ فقلتم لي: أن عليه أن يقوم بالوضوء، وقلتم في الفتوى رقم: 136725، أنه يجوز له ـ أيضاً ـ أن ينوي الوضوء إذا انغمس في الماء أو تواصل صب الماء عليه ومكث على تلك الحال زمنا يكفي لوقوع الوضوء مرتبا، وهذا الزمن قد قال بعضهم بأنه لحظات لطيفة، كما قال النووي.
طبعا هذا يتعلق بالغسل المسنون أو غسل النظافة أو التبرد.
لكن عدت وسألتكم وأنني آخذ بالمذهب الحنبلي، فقلتم لي في نفس الفتوى: 136725، فإنه لا بد عندهم من الترتيب إلا أن ينغمس في ماء جار فتمر عليه أربع جريات فيجزئه ذلك عن الوضوء، وأما إذا انغمس في ماء راكد وكان قد نوى الوضوء، فإنه لا يرتفع إلا حدث الوجه فقط، هذا هو الصحيح من المذهب.
لكن ـ إخوتي ـ هل يجوز الخروج بقول جديد والأخذ من المذهب الشافعي والحنبلي معا؟ فيخرج قول أقرب إلى الصواب وجمعا بين أقوال المذهبين، ولأدلة الشرع، وهو أنه يجوز أن ينغمس في الماء الراكد ويجزئ عن الوضوء بشرط أن ينوي الوضوء ويتمضمض ويستنشق قبل أن يغمس نفسه في الماء ثم يغمس نفسه في الماء للحظات لطيفة أو يواصل صب الماء على نفسه مقدارا يجزئ ويمكن حدوث الوضوء فيه مرتباً، وهناك كيفية أخرى وهي: أن يقوم بنية الوضوء ويغمس نفسه في الماء ثم يخرج ويتمضمض ويستنشق ثم يعود ويغمس نفسه من جديد لباقي الأعضاء.
وأخيرا سامحوني للإكثار من التفاصيل، ولكن والله لو أنني لم أسأل عن هذه الكيفية التي ذكرتها لم أسألكم وأرجو أن تجيبوني عليها، مع التعليل إن كان لا يجوز ما قلته من هذه الكيفية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأمر أهون بكثير من أن تبدئ وتعيد فيه على هذا النحو، وقد بينا لك مذهب الحنابلة في المسألة، وقد عرفت ـ أيضا ـ مذهب الشافعية فيها، فإن أردت أن تتمضمض وتستنشق بنية الوضوء ثم تنغمس في الماء وتأخذ بقول الشافعية في إجزاء ذلك، فلا حرج عليك، وإن أردت التقيد بمذهب الحنابلة فقد عرفت أن هذا لا يجزئ عندهم، ولا يجزئ عندهم كذلك أن تنغمس ثم تخرج فتتمضمض وتستنشق ثم تعود فتنغمس في الماء، فإن هذا الماء الذي ارتفع به حدث الوجه إن كان قليلا فقد قد صار مستعملا وهو طاهر غير مطهر على المذهب، وأيضا فلو عملت بقول الشافعية في جواز هذه الصورة ثم أردت أن تتمضمض وتستنشق بعد انغماسك في الماء، فإن هذا لا يجزئك عن المضمضة والاستنشاق الواجبين عند الحنابلة، وذلك لفوات شرط الترتيب، فإنك في هذه الحال تكون متمضمضا ومستنشقا بعد غسل رجليك، قال في الإنصاف: يجب الترتيب والموالاة بين المضمضة والاستنشاق وبين سائر الأعضاء على الصحيح من المذهب وهو إحدى الروايات وقدمه في الفروع وابن تميم وهو ظاهر كلام الخرقي قال في مجمع البحرين وابن عبيدان تبعا للمجد والأقيس وجوب ترتيبهما كسائر أجزاء الوجه. انتهى.

وعليه، فإن أردت الأخذ بقول الحنابلة في وجوب المضمضة والاستنشاق وبقول الشافعية في إجزاء الانغماس مع نية الوضوء عن الوضوء فتمضمض واستنشق أولا ثم انغمس في الماء، ويرتفع حدثك بذلك عند المجوزين لهذه الصورة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني