الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سماع الأغاني محرم يجب تركه بدون نذر

السؤال

كثيرا ما أنذر نذرا بعد البلوغ، لكن عقلي صغير، ونذوري كلها تكون في وقت حزن وخوف وأغلبها نذر صيام لكنني لا أتذكر عدد أيام النذور، وقد نذرت قبل أيام أنني لن أسمع الغناء إذا سامحتني أمي طول حياتي ففي حالة رجاء، ولكنني لا أستطيع ترك الأغاني، وكلما حاوت تركها أسمعها مع أهلي أو أصدقائي وأعود إليها، فما هو الحل؟. أرجوكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا نذرت نذرا تريدين به التقرب إلى الله عز وجل، فهذا هو نذر التبرر ويجب الوفاء به ـ سواء كان معلقا على شرط كنذرك إن سامحتك أمك أن تفعلي كذا مثلا، أو لم يكن معلقا على شرط.

وأما إذا كان مرادك بالنذر أن تحملي نفسك على فعل شيء معين أو تمنعيها من فعل شيء معين: فهذا النذر يسمى: نذر اللجاج وأنت مخيرة بين الوفاء به وبين أن تكفري كفارة يمين، وانظري الفتوى رقم: 129466، وإذا كانت هذه النذور مما يجب الوفاء به فما دامت قد صدرت منك في حال تكليفك، لكونك عاقلة بالغة، فإنها نذور منعقدة يلزمك الوفاء بها.

ولا يؤثر في ذلك كونها صدرت في حال حزن أو غيره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه. أخرجه البخاري.

وعليك أن تجتهدي في معرفة عدد الأيام التي نذرت صومها ثم تصومينها، فإن لم تستطيعي معرفة عددها فإنه لا يلزمك إلا صوم ما تتيقنين أنك نذرت صومه، وما شككت في كونه منذورا فالأصل براءة ذمتك منه، كما نص الفقهاء على أن من نذر نسكا ونسيه لزمته العمرة، لأنها المتيقنة، والأصل براءة ذمته مما عداها، قال في مطالب أولي النهى: ومن أحرم بنسك تمتع أو إفراد أو قران أو أحرم بنذر ونسيه أي: ما أحرم به أو نسي ما نذره قبل طواف صرفه لعمرة ندبا، لأنها اليقين. انتهى.

وأما سماع الغناء: فإنه محرم فيجب عليك اجتنابه ـ سواء كان ذلك بنذر أو لا ـ ومما يعينك على تجنبه أن تستحضري اطلاع ربك عليك ومراقبته لك، وأنه تعالى يمقت من تلبس بمعصيته فتحذرين أن يسخط عليك ربك تعالى، وغضب الله تعالى لا يقوم له شيء، واشغلي نفسك بما ينفعك من سماع كتاب الله تعالى والاشتغال بذكره واصحبي أهل الخير، فإنهم من أعظم العون على التوبة والاستقامة، واجتهدي في الدعاء أن يصرف الله عنك الشر، وأن يثبتك على الطاعة، فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء.

واعلمي أن الشيطان هو الذي يخدعك بإيهامك أنك لن تستطيعي التوبة مما حرمه الله عليك، فلا تلتفتي لوسوسته وتزيينه الباطل، بل عليك بقوة العزيمة وصدق الإقبال على الله تعالى، وهو تعالى إذا اطلع منك على الصدق في التقرب إليه فسيتولاك بمعونته وتأييده، وإن كنت قد سمعت الغناء بعد هذا النذر فقد حنثت ولزمك ما نذرته من الصيام، أو لزمتك الكفارة عند كثير من أهل العلم، والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ـ فإن عجزت فعليك صيام ثلاثة أيام، والأحوط أن تكون متتابعة خروجا من الخلاف، وعليك مع ذلك التوبة إلى الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني