الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع دين آجل بنقد عاجل

السؤال

سؤالي عن بيع وشراء وصولات الشحن. فإن من الشائع عند سائقي الشاحنات أنه إذا أوصل نقلة أعطي وصلا بأجرته إلى أجل، فيأتي السائق إلى مكتب شحن فيصرف المكتب له الوصل ويأخذ منه ربحا بحجة أنه أجرة تحصيل للوصل. فما حكم ذلك هل هذا الربح فعلا أجرة تحصيل أو هو ربا؟وكذلك مكاتب الشحن حين تطلب من سائق الشاحنة أن يقوم بنقل البضاعة فإن صاحب المكتب يعطيه أجرته من عنده مسبقا ثم هو يحصل المبلغ من الشركة صاحبة البضاعة بعد أجل، ويكون لمكتب الشحن أجرة من السائق ومن صاحب الشركة مقابل توفير السائق ومتابعة الأمر وضبطه. فهل في أجرة مكتب الشحن ربا أم هي حلال أرجو الإفادة؟ أنا بانتظار جوابكم كي أقرأه على الناس في المسجد لكثرة من يسأل عن هذه المسألة في منطقتي لكون الكثير منهم هم من سائقي الشاحنات .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تضمن سؤالك مسألتين: أولاهما ما يفعله سائقو الشاحنات من صرف الأوصال التي يعطونها بأجورهم لدى مكاتب الشحن، وهذا محرم شرعا لكونه معاملة ربوية تقتضي بيع دين آجل بنقد عاجل، وهذا من ربا النسيئة. وفيها ربا الفضل أيضا لما فيها من بيع نقد بنقد من جنسه أكثر منه، فاجتمع في المعاملة نوعي الربا الفضل والنسيئة.

جاء في القواعد لابن رجب : المسألة الثانية : بيع الصكاك قبل قبضها وهي الديون الثابتة على الناس وتسمى صكاكاً لأنها تكتب في صكاك وهي ما يكتب فيه من الرَّق ونحوه فيباع ما في الصك، فإن كان الدين نقداً وبيع بنقد لم يجز بلا خلاف لأنه صرف بنسيئة. اهـ.

وبالتالي فلا يجوز الإقدام على تلك المعاملة لحرمتها، وانظر الفتويين: 23098، 70627.

وتسمية ما تأخذه مكاتب الشحن أتعابا لا يغير من حقيقة تلك المعاملة؛ لأن العبرة في العقود بمعانيها لابألفاظها ومبانيها، وهي عقد صرافة لاعقد إجارة . والطريقة الصحيحة هي أن يدفع أولئك السائقون الأوصال التي بأيديهم إلى مكتب الشحن ليتولى متابعتها وتحصيلها مقابل أجر معين على ذلك. فهذا لاحرج فيه لكونه عقد إجارة صحيح.

وأما المسألة الثانية وهي دفع مكتب الشحن أجرة السائق إليه ليتولى هو متابعتها ويأخذ أكثر مما دفع للسائق فهي مثل الأولى في حرمتها، وعلة تحريمها، لكن لو أجر المكتب السائقين، ثم أجرهم لغيره بأكثر مما استأجرهم به فلا حرج.

قال العلامة الشيخ خليل المالكي في مختصره عاطفاً على ما يجوز من الإجارة: واستئجار مؤجر.

وقال الخرشي المالكي في شرحه للنص المذكور: والمعنى أن العين المستأجرة دابة أو غير ذلك تجوز إجارتها لمن استأجرها. انتهى.

وبناء عليه فمصارفة مكتب الشحن في الدين الآجل بنقد عاجل أقل منه لايجوز، وأما تأجير مكتب الشحن بأجرة معلومة لتحصيل الدين أو متابعة السائقين ونحوه فلا حرج فيه. وفرق بين بيع الوصل للمكتب وبين عقد الإجارة معه على تحصيله.

والله تعالى أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني